1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الزخرف
  4. القول في تأويل قوله تعالى " بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ( 22 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ما آتينا هؤلاء القائلين : لو شاء الرحمن ما عبدنا هؤلاء [ ص: 584 ] الأوثان بالأمر بعبادتها ، كتابا من عندنا ، ولكنهم قالوا : وجدنا آباءنا الذين كانوا قبلنا يعبدونها ، فنحن نعبدها كما كانوا يعبدونها؛ وعنى - جل ثناؤه - بقوله : ( بل وجدنا آباءنا على أمة ) . بل وجدنا آباءنا على دين وملة ، وذلك هو عبادتهم الأوثان .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( على أمة ) : ملة .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة ) يقول : وجدنا آباءنا على دين .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة ) قال : قد قال ذلك مشركو قريش : إنا وجدنا آباءنا على دين .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط عن السدي ( قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة ) قال : على دين .

واختلفت القراء في قراءة قوله : ( على أمة ) فقرأته عامة قراء الأمصار ( على أمة ) بضم الألف بالمعنى الذي وصفت من الدين والملة والسنة . وذكر عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز أنهما قرأاه " على إمة " بكسر الألف . وقد اختلف في معناها إذا كسرت ألفها ، فكان بعضهم يوجه تأويلها إذا كسرت على أنها الطريقة وأنها مصدر من قول القائل : أممت القوم فأنا أؤمهم إمة . وذكر عن العرب سماعا : [ ص: 585 ] ما أحسن عمته وإمته وجلسته إذا كان مصدرا . ووجهه بعضهم إذا كسرت ألفها إلى أنها الإمة التي بمعنى النعيم والملك ، كما قال عدي بن زيد .

ثم بعد الفلاح والملك والإم ة وارتهم هناك القبور



وقال : أراد إمامة الملك ونعيمه . وقال بعضهم : ( الأمة بالضم والإمة بالكسر بمعنى واحد ) .

والصواب من القراءة في ذلك الذي لا أستجيز غيره : الضم في الألف لإجماع الحجة من قراء الأمصار عليه . وأما الذين كسروها فإني لا أراهم قصدوا بكسرها إلا معنى الطريقة والمنهاج ، على ما ذكرناه قبل ، لا النعمة والملك ، لأنه لا وجه لأن يقال : إنا وجدنا آباءنا على نعمة ونحن لهم متبعون في ذلك ، لأن الاتباع إنما يكون في الملل والأديان وما أشبه ذلك لا في الملك والنعمة ، لأن الاتباع في الملك ليس بالأمر الذي يصل إليه كل من أراده .

وقوله : ( وإنا على آثارهم مهتدون ) يقول : وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه من دينهم مهتدون ، يعني : لهم متبعون على منهاجهم .

كما حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( وإنا على آثارهم مهتدون ) يقول : وإنا على دينهم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة [ ص: 586 ] ( وإنا على آثارهم مهتدون ) يقول : وإنا متبعوهم على ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية