صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ( 74 ) لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ( 75 ) وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ( 76 ) )

يقول - تعالى ذكره - ( إن المجرمين ) وهم الذين اجترموا في الدنيا الكفر بالله ، فاجترموا به في الآخرة ( في عذاب جهنم خالدون ) يقول : هم فيه ماكثون .

لا يفتر عنهم ، يقول : لا يخفف عنهم العذاب . وأصل الفتور : الضعف ( وهم فيه مبلسون ) يقول : وهم في عذاب جهنم مبلسون ، والهاء في " فيه " من ذكر العذاب . ويذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : " وهم فيها مبلسون " والمعنى : وهم في جهنم مبلسون ، والمبلس في هذا الموضع : هو الآيس من النجاة الذي قد قنط فاستسلم للعذاب والبلاء .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 640 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وهم فيه مبلسون ) : أي مستسلمون .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قوله : ( وهم فيه مبلسون ) قال : آيسون .

وقال آخرون بما حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( وهم فيه مبلسون ) متغير حالهم .

وقد بينا فيما مضى معنى الإبلاس بشواهده ، وذكر المختلفين فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وقوله : ( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ) يقول - تعالى ذكره - : وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم ما أخبرناكم - أيها الناس - أنا فعلنا بهم من التعذيب بعذاب جهنم ( ولكن كانوا هم الظالمين ) بعبادتهم في الدنيا غير من كان عليهم عبادته ، وكفرهم بالله ، وجحودهم توحيده .

التالي السابق


الخدمات العلمية