صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ( 13 ) ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ( 14 ) إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون ( 15 ) ) [ ص: 20 ]

يقول - تعالى ذكره - : من أي وجه لهؤلاء المشركين التذكر من بعد نزول البلاء بهم ، وقد تولوا عن رسولنا حين جاءهم مدبرين عنه ، لا يتذكرون بما يتلى عليهم من كتابنا ، ولا يتعظون بما يعظهم به من حججنا . ويقولون : إنما هو مجنون علم هذا الكلام .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( أنى لهم الذكرى ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله ( أنى لهم الذكرى ) يقول : كيف لهم ؟

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( أنى لهم الذكرى ) بعد وقوع هذا البلاء .

وبنحو الذي قلنا أيضا في قوله ( ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ) قال : تولوا عن محمد - عليه الصلاة والسلام - وقالوا : معلم مجنون .

وقوله ( إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون ) يقول - تعالى ذكره - لهؤلاء المشركين الذين أخبر عنهم أنهم يستغيثون به من الدخان النازل والعذاب الحال بهم من الجهد ، وأخبر عنهم أنهم يعاهدونه أنه إن كشف العذاب عنهم آمنوا ، إنا كاشفوا العذاب : يعني الضر النازل بهم بالخصب الذي نحدثه لهم [ ص: 21 ] قليلا إنكم عائدون يقول : إنكم - أيها المشركون - إذا كشفت عنكم ما بكم من ضر لم تفوا بما تعدون وتعاهدون عليه ربكم من الإيمان ، ولكنكم تعودون في ضلالتكم وغيكم ، وما كنتم قبل أن يكشف عنكم .

وكان قتادة يقول : معناه : إنكم عائدون في عذاب الله .

حدثنا بذلك ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر عنه . وأما الذين قالوا : عنى بقوله : ( يوم تأتي السماء بدخان مبين ) الدخان نفسه ، فإنهم قالوا في هذا الموضع : عنى بالعذاب الذي قال ( إنا كاشفوا العذاب ) : الدخان .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إنا كاشفوا العذاب قليلا ) يعني الدخان .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله ( إنا كاشفوا العذاب قليلا ) قال : قد فعل ، كشف الدخان حين كان .

قوله ( إنكم عائدون ) قال : كشف عنهم فعادوا .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( إنكم عائدون ) إلى عذاب الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية