1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الجاثية
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ( 18 ) إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ( 19 ) )

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ثم جعلناك يا محمد من بعد الذي آتينا بني إسرائيل ، الذين وصفت لك صفتهم ( على شريعة من الأمر ) يقول : على طريقة وسنة ومنهاج من أمرنا الذي أمرنا به من قبلك من رسلنا ( فاتبعها ) يقول : فاتبع تلك الشريعة التي جعلناها لك ( ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) يقول : ولا تتبع ما دعاك إليه الجاهلون بالله ، الذين لا يعرفون الحق من الباطل ، فتعمل به ، فتهلك إن عملت به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ) قال : يقول على هدى من الأمر وبينة .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ) والشريعة : الفرائض والحدود والأمر والنهي فاتبعها ( ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله [ ص: 71 ] ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر ) قال : الشريعة : الدين . وقرأ ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ) قال : فنوح أولهم وأنت آخرهم .

وقوله ( إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ) يقول - تعالى ذكره - : إن هؤلاء الجاهلين بربهم ، الذين يدعونك يا محمد إلى اتباع أهوائهم ، لن يغنوا عنك إن أنت اتبعت أهواءهم ، وخالفت شريعة ربك التي شرعها لك من عقاب الله شيئا ، فيدفعوه عنك إن هو عاقبك ، وينقذوك منه .

وقوله ( وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض ) يقول : وإن الظالمين بعضهم أنصار بعض ، وأعوانهم على الإيمان بالله وأهل طاعته ( والله ولي المتقين ) يقول - تعالى ذكره - : والله يلي من اتقاه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه بكفايته ، ودفاع من أراده بسوء ، يقول - جل ثناؤه - لنبيه عليه الصلاة والسلام فكن من المتقين ، يكفك الله ما بغاك وكادك به هؤلاء المشركون ، فإنه ولي من اتقاه ، ولا يعظم عليك خلاف من خالف أمره وإن كثر عددهم ، لأنهم لن يضروك ما كان الله وليك وناصرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية