القول في 
تأويل قوله تعالى : ( وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون  ( 28 ) )  
[ ص: 82 ] 
يقول - تعالى ذكره - : وترى يا 
محمد  يوم تقوم الساعة أهل كل ملة ودين جاثية : يقول : مجتمعة مستوفزة على ركبها من هول ذلك اليوم . 
كما حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى  ، وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  في قوله : ( 
وترى كل أمة جاثية  ) قال على الركب مستوفزين . 
حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله ( 
وترى كل أمة جاثية  ) قال : هذا يوم القيامة جاثية على ركبهم . 
حدثت عن 
الحسين  قال : سمعت 
أبا معاذ  ، يقول : ثنا 
عبيد  قال : سمعت 
الضحاك  يقول ، في قوله ( 
وترى كل أمة جاثية  ) يقول : على الركب عند الحساب . 
وقوله ( 
كل أمة تدعى إلى كتابها  ) يقول : كل أهل ملة ودين تدعى إلى كتابها الذي أملت على حفظتها . 
كما حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله ( 
كل أمة تدعى إلى كتابها  ) يعلمون أنه ستدعى أمة قبل أمة ، وقوم قبل قوم ، ورجل قبل رجل  . ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=812534يمثل لكل أمة يوم القيامة ما كانت تعبد من حجر ، أو وثن أو خشبة ، أو دابة ، ثم يقال : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فتكون ، أو تجعل تلك الأوثان قادة إلى النار حتى تقذفهم فيها ، فتبقى أمة محمد   - صلى الله عليه وسلم - وأهل الكتاب  ، فيقول لليهود   : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد الله وعزيرا  إلا قليلا منهم ، فيقال لها : أما عزير  فليس منكم ولستم منه ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فينطلقون ولا يستطيعون مكوثا ، ثم يدعى بالنصارى ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد الله والمسيح  إلا قليلا منهم فيقال : أما عيسى  فليس منكم ولستم منه ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فينطلقون ولا يستطيعون مكوثا ، وتبقى أمة محمد   - صلى الله عليه وسلم - فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد الله وحده ، وإنما فارقنا هؤلاء في الدنيا مخافة يومنا هذا ، فيؤذن للمؤمنين في السجود ، فيسجد المؤمنون ، وبين كل مؤمن منافق ، فيقسو  [ ص: 83 ] ظهر المنافق عن السجود ، ويجعل الله سجود المؤمنين عليه توبيخا وصغارا وحسرة وندامة" . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى  قال : ثنا 
ابن ثور  ، عن 
معمر ،  عن 
قتادة  ، عن 
الزهري  ، عن 
عطاء بن يزيد الليثي  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810985قال الناس : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : " هل تضامون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من كان يعبد القمر القمر ، ومن كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم ربهم في صورة ، ويضرب جسر على جهنم ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأكون أول من يجيز ، ودعوة الرسل يومئذ : اللهم سلم ، اللهم سلم ، وبها كلاليب كشوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ قالوا : نعم يا رسول الله قال : فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم أحد قدر عظمها إلا الله ويخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموبق بعمله ، ومنهم المخردل ثم ينجو" ، ثم ذكر الحديث بطوله . 
وقوله ( 
اليوم تجزون ما كنتم تعملون  ) يقول - تعالى ذكره - : كل أمة تدعى إلى كتابها ، يقال لها : اليوم تجزون : أي تثابون وتعطون أجور ما كنتم في الدنيا من جزاء الأعمال تعملون بالإحسان الإحسان ، وبالإساءة جزاءها .