1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الأحقاف
  4. القول في تأويل قوله تعالى " والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين ( 17 ) )

وهذا نعت من الله - تعالى ذكره - نعت ضال به كافر ، وبوالديه عاق ، وهما مجتهدان في نصيحته ودعائه إلى الله ، فلا يزيده دعاؤهما إياه إلى الحق ، ونصيحتهما له إلا عتوا وتمردا على الله ، وتماديا في جهله ، يقول الله - جل ثناؤه - ( والذي قال لوالديه ) أن دعواه إلى الإيمان بالله ، والإقرار ببعث الله خلقه من قبورهم ، ومجازاته إياهم بأعمالهم ( أف لكما ) يقول : قذرا لكما ونتنا ( أتعدانني أن أخرج ) [ ص: 118 ] يقول أتعدانني أن أخرج من قبري من بعد فنائي وبلائي فيه حيا .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أتعدانني أن أخرج ) أن أبعث بعد الموت .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( أتعدانني أن أخرج ) قال : يعني البعث بعد الموت .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني ) . . . إلى آخر الآية ، قال : الذي قال هذا ابن لأبي بكر رضي الله عنه ، قال : ( أتعدانني أن أخرج ) أتعدانني أن أبعث بعد الموت .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا هوذة قال : ثنا عوف ، عن الحسن في قوله ( والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج ) قال : هو الكافر الفاجر العاق لوالديه ، المكذب بالبعث .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : ثم نعت عبد سوء عاقا لوالديه فاجرا فقال : ( والذي قال لوالديه أف لكما ) . . . إلى قوله ( أساطير الأولين ) .

وقوله ( وقد خلت القرون من قبلي ) يقول : أتعدانني أن أبعث ، وقد مضت قرون من الأمم قبلي ، فهلكوا ، فلم يبعث منهم أحد ، ولو كنت مبعوثا بعد وفاتي كما تقولان ، لكان قد بعث من هلك قبلي من القرون ( وهما يستغيثان الله ) يقول - تعالى ذكره - : ووالداه يستصرخان الله عليه ، ويستغيثانه عليه أن يؤمن بالله ، ويقر بالبعث ويقولان له : ( ويلك آمن ) ، أي صدق بوعد الله ، وأقر أنك مبعوث من بعد وفاتك ، إن وعد الله الذي وعد خلقه أنه باعثهم من قبورهم ، ومخرجهم منها إلى موقف الحساب لمجازاتهم بأعمالهم حق لا شك فيه ، فيقول عدو الله مجيبا لوالديه ، وردا عليهما نصيحتهما ، وتكذيبا بوعد الله : ما هذا الذي تقولان لي وتدعواني إليه من التصديق بأني مبعوث من بعد وفاتي من [ ص: 119 ] قبري ، إلا ما سطره الأولون من الناس من الأباطيل ، فكتبوه ، فأصبتماه أنتما فصدقتما .

التالي السابق


الخدمات العلمية