القول في 
تأويل قوله تعالى : ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم  ( 24 ) )  
[ ص: 127 ] 
يقول - تعالى ذكره - : فلما جاءهم عذاب الله الذي استعجلوه ، فرأوه سحابا عارضا في ناحية من نواحي السماء ( 
مستقبل أوديتهم  ) والعرب تسمي السحاب الذي يرى في بعض أقطار السماء عشيا ، ثم يصبح من الغد قد استوى ، وحبا بعضه إلى بعض عارضا ، وذلك لعرضه في بعض أرجاء السماء حين نشأ ، كما قال 
الأعشى   : 
يا من يرى عارضا قد بت أرمقه كأنما البرق في حافاته الشعل 
( 
قالوا هذا عارض ممطرنا  ) ظنا منهم برؤيتهم إياه أن غيثا قد أتاهم يحيون به ، فقالوا : هذا الذي كان 
هود  يعدنا ، وهو الغيث . 
كما حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله ( 
فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم  ) . . . الآية ، وذكر لنا أنهم حبس عنهم المطر زمانا ، فلما رأوا العذاب مقبلا ( 
قالوا هذا عارض ممطرنا  ) . وذكر لنا أنهم قالوا : كذب 
هود  كذب 
هود   ; فلما خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فشامه ، قال : ( 
بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم  )  . 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
سلمة  ، عن 
ابن إسحاق  قال : ساق الله السحابة السوداء التي اختار 
قيل ابن عنز  بما فيها من النقمة إلى 
عاد  ، حتى تخرج عليهم من واد لهم يقال له 
المغيث  ، فلما رأوها استبشروا ( 
قالوا هذا عارض ممطرنا  )  
[ ص: 128 ] يقول الله - عز وجل - : ( 
بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم  )  . 
وقوله ( 
بل هو ما استعجلتم به  ) يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل نبيه - صلى الله عليه وسلم - 
هود  لقومه لما قالوا له عند رؤيتهم عارض العذاب ، قد عرض لهم في السماء ، هذا عارض ممطرنا نحيا به ، ما هو بعارض غيث ، ولكنه عارض عذاب لكم ، بل هو ما استعجلتم به ، أي هو العذاب الذي استعجلتم به ، فقلتم : ( 
فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين  ) ( 
ريح فيها عذاب أليم  ) والريح مكررة على ما في قوله ( 
هو ما استعجلتم به  ) كأنه قيل : بل هو ريح فيها عذاب أليم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى  قال : ثنا 
محمد بن جعفر  قال : ثنا 
شعبة  ، عن 
أبي إسحاق  ، عن 
عمرو بن ميمون  قال : كان 
هود  جلدا في قومه ، وإنه كان قاعدا في قومه ، فجاء سحاب مكفهر ، ( 
قالوا : هذا عارض ممطرنا ، فقال : 
بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم  ) قال : فجاءت ريح فجعلت تلقي الفسطاط ، وتجيء بالرجل الغائب فتلقيه  . 
حدثني 
يحيى بن إبراهيم المسعودي  قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال 
سليمان  ، ثنا 
أبو إسحاق  ، عن 
عمرو بن ميمون  قال : لقد كانت الريح تحمل الظعينة فترفعها حتى ترى كأنها جرادة . 
حدثني 
محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله ( 
فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم  ) . . . إلى آخر الآية ، قال : هي الريح إذا أثارت سحابا ، ( 
قالوا هذا عارض ممطرنا  ) ، فقال نبيهم : بل ريح فيها عذاب أليم .