1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الأحقاف
  4. القول في تأويل قوله تعالى " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ( 24 ) ) [ ص: 127 ]

يقول - تعالى ذكره - : فلما جاءهم عذاب الله الذي استعجلوه ، فرأوه سحابا عارضا في ناحية من نواحي السماء ( مستقبل أوديتهم ) والعرب تسمي السحاب الذي يرى في بعض أقطار السماء عشيا ، ثم يصبح من الغد قد استوى ، وحبا بعضه إلى بعض عارضا ، وذلك لعرضه في بعض أرجاء السماء حين نشأ ، كما قال الأعشى :


يا من يرى عارضا قد بت أرمقه كأنما البرق في حافاته الشعل



( قالوا هذا عارض ممطرنا ) ظنا منهم برؤيتهم إياه أن غيثا قد أتاهم يحيون به ، فقالوا : هذا الذي كان هود يعدنا ، وهو الغيث .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم ) . . . الآية ، وذكر لنا أنهم حبس عنهم المطر زمانا ، فلما رأوا العذاب مقبلا ( قالوا هذا عارض ممطرنا ) . وذكر لنا أنهم قالوا : كذب هود كذب هود ; فلما خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فشامه ، قال : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : ساق الله السحابة السوداء التي اختار قيل ابن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد ، حتى تخرج عليهم من واد لهم يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا ( قالوا هذا عارض ممطرنا ) [ ص: 128 ] يقول الله - عز وجل - : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) .

وقوله ( بل هو ما استعجلتم به ) يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل نبيه - صلى الله عليه وسلم - هود لقومه لما قالوا له عند رؤيتهم عارض العذاب ، قد عرض لهم في السماء ، هذا عارض ممطرنا نحيا به ، ما هو بعارض غيث ، ولكنه عارض عذاب لكم ، بل هو ما استعجلتم به ، أي هو العذاب الذي استعجلتم به ، فقلتم : ( فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ) ( ريح فيها عذاب أليم ) والريح مكررة على ما في قوله ( هو ما استعجلتم به ) كأنه قيل : بل هو ريح فيها عذاب أليم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال : كان هود جلدا في قومه ، وإنه كان قاعدا في قومه ، فجاء سحاب مكفهر ، ( قالوا : هذا عارض ممطرنا ، فقال : بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) قال : فجاءت ريح فجعلت تلقي الفسطاط ، وتجيء بالرجل الغائب فتلقيه .

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال سليمان ، ثنا أبو إسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال : لقد كانت الريح تحمل الظعينة فترفعها حتى ترى كأنها جرادة .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم ) . . . إلى آخر الآية ، قال : هي الريح إذا أثارت سحابا ، ( قالوا هذا عارض ممطرنا ) ، فقال نبيهم : بل ريح فيها عذاب أليم .

التالي السابق


الخدمات العلمية