القول في تأويل قوله تعالى : ( 
وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم  ( 13 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : وكم يا 
محمد  من قرية هي أشد قوة من قريتك ، يقول : أهلها أشد بأسا ، وأكثر جمعا ، وأعد عديدا من أهل قريتك ، وهي
مكة  ، وأخرج الخبر عن القرية ، والمراد به أهلها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  
[ ص: 165 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله ( 
وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم  ) قال : هي 
مكة   . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى  قال : ثنا 
ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة  في قوله ( 
وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك  ) قال : قريته 
مكة   . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى  قال : ثنا 
المعتمر بن سليمان  ، عن أبيه ، عن 
حبيش  ، عن 
عكرمة ،  عن 
ابن عباس   " أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من 
مكة  إلى الغار ، أراه قال : التفت إلى 
مكة  ، فقال : أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأنت أحب بلاد الله إلي ، فلو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك ، فأعتى الأعداء من عتا على الله في حرمه ، أو قتل غير قاتله ، أو قتل بذحول الجاهلية" ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ( 
وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم  ) وقال - جل ثناؤه - : أخرجتك ، فأخرج الخبر عن القرية ، فلذلك أنث ، ثم قال : أهلكناهم ؛ لأن المعنى في قوله أخرجتك ، ما وصفت من أنه أريد به أهل القرية ، فأخرج الخبر مرة على اللفظ ، ومرة على المعنى . 
وقوله ( 
فلا ناصر لهم  ) فيه وجهان من التأويل : أحدهما أن يكون معناه ، وإن كان قد نصب الناصر بالتبرئة ، فلم يكن لهم ناصر ، وذلك أن العرب قد تضمر كان أحيانا في مثل هذا . والآخر أن يكون معناه : فلا ناصر لهم الآن من عذاب الله ينصرهم .