1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الفتح
  4. القول في تأويل قوله تعالى " قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ( 16 ) ) [ ص: 219 ]

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ( قل ) يا محمد ( للمخلفين من الأعراب ) عن المسير معك ، ( ستدعون إلى ) قتال ( قوم أولي بأس ) في القتال ( شديد ) .

واختلف أهل التأويل في هؤلاء الذين أخبر الله - عز وجل - عنهم أن هؤلاء المخلفين من الأعراب يدعون إلى قتالهم ، فقال بعضهم : هم أهل فارس .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ( أولي بأس شديد ) أهل فارس .

حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال : أخبرنا داود بن الزبرقان ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : فارس والروم .

قال : أخبرنا داود ، عن سعيد ، عن الحسن ، مثله .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : قال الحسن في قوله ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : هم فارس والروم .

حدثنا محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( أولي بأس شديد ) قال : هم فارس .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : قال الحسن : دعوا إلى فارس والروم .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : فارس والروم . [ ص: 220 ]

وقال آخرون : هم هوازن بحنين .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير وعكرمة في قوله ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : هوازن .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير وعكرمة في هذه الآية ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : هوازن وثقيف .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) قال : هي هوازن وغطفان يوم حنين .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد .

وقال آخرون : بل هم بنو حنيفة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ( أولي بأس شديد ) قال بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير وعكرمة أنهما كانا يزيدان فيه هوازن وبني حنيفة .

وقال آخرون : لم تأت هذه الآية بعد . [ ص: 221 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي هريرة ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) لم تأت هذه الآية .

وقال آخرون : هم الروم .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عوف قال : ثنا أبو المغيرة قال : ثنا صفوان بن عمرو قال : ثنا الفرج بن محمد الكلاعي ، عن كعب ، قال ( أولي بأس شديد ) قال : الروم .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - أخبر عن هؤلاء المخلفين من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال ، ونجدة في الحروب ، ولم يوضع لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعني بذلك هوازن ، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الروم ، ولا أعيان بأعيانهم ، وجائز أن يكون عني بذلك بعض هذه الأجناس ، وجائز أن يكون عني بهم غيرهم ، ولا قول فيه أصح من أن يقال كما قال الله - جل ثناؤه - : إنهم سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد .

وقوله ( تقاتلونهم أو يسلمون ) يقول - تعالى ذكره - للمخلفين من الأعراب تقاتلون هؤلاء الذين تدعون إلى قتالهم ، أو يسلمون من غير حرب ولا قتال .

وقد ذكر أن ذلك في بعض القراءات ( تقاتلونهم أو يسلموا ) ، وعلى هذه القراءة وإن كانت على خلاف مصاحف أهل الأمصار ، وخلافا لما عليه الحجة من القراء ، وغير جائز عندي القراءة بها لذلك تأويل ذلك : تقاتلونهم أبدا إلا أن يسلموا ، أو حتى يسلموا .

وقوله ( فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا ) يقول - تعالى ذكره - فإن تطيعوا الله في إجابتكم إياه إذا دعاكم إلى قتال هؤلاء القوم الأولي البأس الشديد ، فتجيبوا إلى قتالهم والجهاد مع المؤمنين ( يؤتكم الله أجرا حسنا ) يقول : يعطكم الله على إجابتكم إياه إلى حربهم الجنة ، وهي الأجر الحسن ( وإن تتولوا كما توليتم من قبل ) يقول : وإن تعصوا ربكم فتدبروا عن طاعته وتخالفوا أمره ، [ ص: 222 ] فتتركوا قتال الأولي البأس الشديد إذا دعيتم إلى قتالهم ( كما توليتم من قبل ) يقول : كما عصيتموه في أمره إياكم بالمسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة من قبل أن تدعوا إلى قتال أولي البأس الشديد ( يعذبكم عذابا أليما ) يعني : وجيعا ، وذلك عذاب النار على عصيانكم إياه ، وترككم جهادهم وقتالهم مع المؤمنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية