[ ص: 322 ]  [ ص: 323 ]  [ ص: 324 ]  [ ص: 325 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في 
تأويل قوله تعالى : ( ق والقرآن المجيد  ( 1 ) 
بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب  ( 2 ) ) 
اختلف أهل التأويل في قوله : ( ق ) فقال بعضهم : هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
علي بن داود  قال : ثنا 
أبو صالح  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي  ، عن 
ابن عباس  في قوله : ( ق ) و ( ن ) وأشباه هذا ، فإنه قسم أقسمه الله ، وهو اسم من أسماء الله . 
وقال آخرون : هو اسم من أسماء القرآن . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى  قال : ثنا 
ابن ثور  ، عن 
معمر  ، عن 
قتادة  في قوله ( ق ) قال : اسم من أسماء القرآن . 
وقال آخرون : ( ق ) اسم الجبل المحيط بالأرض ، وقد تقدم بياننا في تأويل حروف المعجم التي في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع . 
وقوله ( 
والقرآن المجيد  ) يقول : والقرآن الكريم .  
[ ص: 326 ] 
كما حدثنا 
أبو كريب  قال : ثنا 
يحيى بن يمان  ، عن 
أشعث بن إسحاق  ، عن 
جعفر بن أبي المغيرة  ، عن 
سعيد بن جبير   ( 
ق والقرآن المجيد  ) قال : الكريم . 
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم ، فقال بعض 
نحويي البصرة   ( 
ق والقرآن المجيد  ) قسم على قوله ( 
قد علمنا ما تنقص الأرض منهم  ) وقال بعض 
نحويي أهل الكوفة   : فيها المعنى الذي أقسم به ، وقال : ذكر أنها قضى والله . وقال : يقال : إن " قاف " جبل محيط بالأرض ، فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع : أي هو " قاف " والله . قال : وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء . قال : ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه ، كما قال الشاعر : 
قلت لها قفي لنا قالت قاف 
ذكرت القاف إرادة القاف من الوقف : أي إني واقفة . 
وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب ؛ لأنه لا يعرف في أجوبة الأيمان قد ، وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة : اللام ، وإن ، وما ، ولا أو بترك جوابها فيكون ساقطا . 
وقوله ( 
بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم  ) يقول - تعالى ذكره - لنبيه 
محمد   - صلى الله عليه وسلم - ما كذبك يا 
محمد  مشركو قومك أن لا يكونوا عالمين بأنك صادق محق ، ولكنهم كذبوك تعجبا من أن جاءهم منذر ينذرهم  
[ ص: 327 ] عقاب الله منهم ، يعني بشرا منهم من بني آدم ، ولم يأتهم ملك برسالة من عند الله . 
وقوله ( 
فقال الكافرون هذا شيء عجيب  ) يقول - تعالى ذكره - : فقال المكذبون بالله ورسوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم ( 
هذا شيء عجيب  ) : أي مجيء رجل منا من بني آدم برسالة الله إلينا ، ( هلا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا .