يعني - تعالى ذكره - بقوله ( ادخلوها بسلام ) ادخلوا هذه الجنة بأمان من الهم والغضب والعذاب ، وما كنتم تلقونه في الدنيا من المكاره .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ادخلوها بسلام ) قال : سلموا من عذاب الله ، وسلم عليهم .
وقوله ( ذلك يوم الخلود ) يقول : هذا الذي وصفت لكم أيها الناس صفته من إدخالي الجنة من أدخله ، هو يوم دخول الناس الجنة ، ماكثين فيها إلى غير نهاية .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ذلك يوم الخلود ) خلدوا والله ، فلا يموتون ، وأقاموا فلا يظعنون ، ونعموا فلا يبأسون .
وقوله ( لهم ما يشاءون فيها ) يقول : لهؤلاء المتقين ما يريدون في هذه الجنة التي أزلفت لهم من كل ما تشتهيه نفوسهم ، وتلذه عيونهم .
وقوله ( ولدينا مزيد ) يقول : وعندنا لهم على ما أعطيناهم من هذه [ ص: 367 ] الكرامة التي وصف جل ثناؤه صفتها مزيد يزيدهم إياه . وقيل : إن ذلك المزيد : النظر إلى الله جل ثناؤه .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عثمان بن عمير ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، نحو حديث علي بن الحسين .
حدثنا الربيع بن سليمان قال : ثنا أسد بن موسى قال : ثنا يعقوب بن إبراهيم ، عن صالح بن حيان ، عن أبي بريدة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه .
وقوله ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن ) يقول - تعالى ذكره - : وكثيرا أهلكنا قبل هؤلاء المشركين من قريش من القرون ، ( هم أشد ) من قريش الذين كذبوا محمدا ( بطشا فنقبوا في البلاد ) يقول : فخرقوا البلاد فساروا فيها ، فطافوا [ ص: 371 ] وتوغلوا إلى الأقاصي منها; قال امرؤ القيس :
لقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( فنقبوا في البلاد ) قال : أثروا .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( فنقبوا في البلاد ) قال : يقول : عملوا في البلاد ذاك النقب .
ذكر من قال ذلك :
وقوله ( هل من محيص ) يقول جل ثناؤه : فهل كان لهم بتنقبهم في البلاد من معدل عن الموت; ومنجى من الهلاك إذ جاءهم أمرنا .
وأضمرت " كان " في هذا الموضع ، كما أضمرت في قوله ( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم ) بمعنى : فلم يكن لهم ناصر عند إهلاكهم . وقرأت القراء قوله ( فنقبوا ) بالتشديد وفتح القاف على وجه الخبر [ ص: 372 ] عنهم . وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ ذلك ( فنقبوا ) بكسر القاف على وجه التهديد والوعيد : أي طوفوا في البلاد ، وترددوا فيها ، فإنكم لن تفوتونا بأنفسكم .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( من محيص ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن ) . . . حتى بلغ ( هل من محيص ) قد حاص الفجرة فوجدوا أمر الله متبعا .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قوله ( فنقبوا في البلاد هل من محيص ) قال : حاص أعداء الله ، فوجدوا أمر الله لهم مدركا .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( هل من محيص ) قال : هل من منج .