1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة ق
  4. القول في تأويل قوله تعالى" فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ( 39 ) ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ( 40 ) )

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : فاصبر يا محمد على ما يقول هؤلاء اليهود ، وما يفترون على الله ، ويكذبون عليه ، فإن الله لهم بالمرصاد ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ) يقول : وصل بحمد ربك صلاة الصبح قبل طلوع الشمس وصلاة العصر قبل الغروب .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة [ ص: 377 ] ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ) لصلاة الفجر ، وقبل غروبها : العصر .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) قبل طلوع الشمس : الصبح ، وقبل الغروب : العصر .

وقوله ( ومن الليل فسبحه ) اختلف أهل التأويل في التسبيح الذي أمر به من الليل ، فقال بعضهم : عنى به صلاة العتمة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ومن الليل ) قال : العتمة وقال آخرون : هي الصلاة بالليل في أي وقت صلى .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : ثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ( ومن الليل فسبحه ) قال : من الليل كله .

والقول الذي قاله مجاهد في ذلك أقرب إلى الصواب ، وذلك أن الله جل ثناؤه قال ( ومن الليل فسبحه ) فلم يحد وقتا من الليل دون وقت . وإذا كان ذلك كذلك كان على جميع ساعات الليل . وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا ، فهو بأن يكون أمرا بصلاة المغرب والعشاء ، أشبه منه بأن يكون أمرا بصلاة العتمة ، لأنهما يصليان ليلا .

وقوله ( وأدبار السجود ) يقول : سبح بحمد ربك أدبار السجود من صلاتك .

واختلف أهل التأويل في معنى التسبيح الذي أمر الله نبيه أن يسبحه أدبار السجود ، فقال بعضهم : عني به الصلاة ، قالوا : وهما الركعتان اللتان يصليان بعد صلاة المغرب . [ ص: 378 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام قال : ثنا عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث قال : سألت عليا ، عن أدبار السجود ، فقال : الركعتان بعد المغرب .

حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية قال : ثنا ابن جريج ، عن مجاهد قال : قال علي رضي الله عنه ( وأدبار السجود ) : الركعتان بعد المغرب .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا مصعب بن سلام ، عن الأجلح ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث . قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول ( وأدبار السجود ) : الركعتان بعد المغرب .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي رضي الله عنه ، في قوله ( وأدبار السجود ) قال : الركعتان بعد المغرب .

قال : ثنا يحيى قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن عاصم بن ضمرة ، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، قال ( وأدبار السجود ) : الركعتان بعد المغرب .

حدثني علي بن سهل قال : ثنا مؤمل قال : ثنا حماد قال : ثنا علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة قال : أدبار السجود : ركعتان بعد صلاة المغرب .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن علوان بن أبي مالك ، عن الشعبي قال : ( وأدبار السجود ) الركعتان بعد المغرب .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس وإبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ( وأدبار السجود ) : الركعتان بعد المغرب .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن [ ص: 379 ] إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم ، مثله .

حدثنا ابن المثنى . قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم في هذه الآية ( ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ) - ( وإدبار النجوم ) قال : الركعتان قبل الصبح ، والركعتان بعد المغرب ، قال شعبة : لا أدري أيتهما أدبار السجود ، ولا أدري أيتهما إدبار النجوم .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( وأدبار السجود ) قال : كان مجاهد يقول : ركعتان بعد المغرب .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( وأدبار السجود ) قال : هما السجدتان بعد صلاة المغرب .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا أبو فضيل ، عن رشدين بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا ابن عباس ركعتان بعد المغرب أدبار السجود " .

حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : أخبرنا أبو زرعة ، وهبة الله بن راشد قال : أخبرنا حيوة بن شريح قال : أخبرنا أبو صخر ، أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول : سمعت أبا الصهباء البكري يقول : سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ( أدبار السجود ) قال : هما ركعتان بعد المغرب .

حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال : ثنا بقية قال : ثنا جرير قال : ثنا حمير بن يزيد الرحبي ، عن كريب بن يزيد الرحبي ; قال : وكان جبير بن نفير يمشي إليه ، قال : كان إذا صلى الركعتين قبل الفجر ، والركعتين [ ص: 380 ] بعد المغرب أخف ، وفسر إدبار النجوم ، وأدبار السجود .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن عيسى بن يزيد ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن الحسن ( وأدبار السجود ) : الركعتان بعد المغرب .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام قال : ثنا عنبسة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : كان يقال ( أدبار السجود ) : الركعتان بعد المغرب .

قال : ثنا عنبسة ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ( وأدبار السجود ) : الركعتان بعد المغرب .

قال : ثنا جرير ، عن عطاء قال : قال علي : أدبار السجود : الركعتان بعد المغرب .

حدثنا ابن البر قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سئل الأوزاعي عن الركعتين بعد المغرب ، قال : هما في كتاب الله ( فسبحه وأدبار السجود ) .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن الحسن ، عن علي رضي الله عنه في قوله ( وأدبار السجود ) قال : الركعتان بعد المغرب .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وأدبار السجود ) قال : ركعتان بعد المغرب .

وقال آخرون : عنى بقوله ( وأدبار السجود ) : التسبيح في أدبار الصلوات المكتوبات ، دون الصلاة بعدها .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ابن علية قال : ثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قال ابن عباس في ( فسبحه وأدبار السجود ) قال : هو التسبيح بعد الصلاة .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، [ ص: 381 ] وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( وأدبار السجود ) قال : كان ابن عباس يقول : التسبيح . قال ابن عمرو : في حديثه في إثر الصلوات كلها . وقال الحارث في حديثه في دبر الصلاة كلها .

وقال آخرون : هي النوافل في أدبار المكتوبات .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وأدبار السجود ) : النوافل .

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة ، قول من قال : هما الركعتان بعد المغرب ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك ، ولولا ما ذكرت من إجماعها عليه ، لرأيت أن القول في ذلك ما قاله ابن زيد ، لأن الله جل ثناؤه لم يخصص بذلك صلاة دون صلاة ، بل عم أدبار الصلوات كلها ، فقال : وأدبار السجود ، ولم تقم - بأنه معني به : دبر صلاة دون صلاة - حجة يجب التسليم لها من خبر ولا عقل .

واختلفت القراء في قراءة قوله ( وأدبار السجود ) فقرأته عامة قراء الحجاز والكوفة ، سوى عاصم والكسائي ( وإدبار السجود ) بكسر الألف ، على أنه مصدر أدبر يدبر إدبارا . وقرأه عاصم والكسائي وأبو عمرو ( وأدبار ) بفتح الألف على مذهب جمع دبر وأدبار .

والصواب عندي الفتح على جمع دبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية