صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ( 45 ) )

يقول - تعالى ذكره - : نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون بالله من فريتهم على الله ، وتكذيبهم بآياته ، وإنكارهم قدرة الله على البعث بعد الموت . [ ص: 384 ] ( وما أنت عليهم بجبار ) يقول : وما أنت عليهم بمسلط .

كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم . قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وما أنت عليهم بجبار ) قال : لا تتجبر عليهم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وما أنت عليهم بجبار ) فإن الله عز وجل كره الجبرية ، ونهى عنها ، وقدم فيها . وقال الفراء : وضع الجبار في موضع السلطان من الجبرية; وقال : أنشدني المفضل :


ويوم الحزن إذ حشدت معد وكان الناس إلا نحن دينا     عصينا عزمة الجبار حتى
صبحنا الجوف ألفا معلمينا

ويروى : " الجوف " وقال : أراد بالجبار : المنذر لولايته .

قال : وقيل : إن معنى قوله ( وما أنت عليهم بجبار ) لم تبعث لتجبرهم على الإسلام ، إنما بعثت مذكرا ، فذكر . وقال : العرب لا تقول فعال من أفعلت ، لا يقولون : هذا خراج ، يريدون : " مخرج " ، ولا يقولون : دخال ، يريدون : " مدخل " ، إنما يقولون : فعال ، من فعلت ويقولون : خراج ، من [ ص: 385 ] " خرجت " ; ودخال : من " دخلت " ; وقتال ، من " قتلت " . قال : وقد قالت العرب في حرف واحد : " دراك " ، من " أدركت " ، وهو شاذ .

قال : فإن قلت الجبار على هذا المعنى ، فهو وجه . قال : وقد سمعت بعض العرب يقول : جبره على الأمر ، يريد : أجبره ، فالجبار من هذه اللغة صحيح ، يراد به : يقهرهم ويجبرهم .

وقوله ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) يقول - تعالى ذكره - : فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليه من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري .

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي قال : ثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو الملائي ، عن ابن عباس قال : قالوا يا رسول الله لو خوفتنا؟ فنزلت ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن ، عن عمرو بن قيس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا ، فذكر مثله .

آخر تفسير سورة " ق "

التالي السابق


الخدمات العلمية