القول في 
تأويل قوله تعالى : ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون  ( 14 ) 
إن المتقين في جنات وعيون  ( 15 ) 
آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين  ( 16 ) ) 
يعني - تعالى ذكره - بقوله ( 
ذوقوا فتنتكم  ) يقال لهم : ذوقوا فتنتكم ، وترك يقال لهم لدلالة الكلام عليها . 
ويعني بقوله ( فتنتكم ) : عذابكم وحريقكم . 
واختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم بالذي قلنا فيه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى  ، وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا ، عن 
ابن أبي نجيح ،   [ ص: 405 ] عن 
مجاهد  قوله ( فتنتكم ) قال : حريقكم . 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
ذوقوا فتنتكم  ) : ذوقوا عذابكم ( 
هذا الذي كنتم به تستعجلون  ) . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى  قال : ثنا 
ابن ثور  ، عن 
معمر  ، عن 
قتادة  في قوله ( 
ذوقوا فتنتكم  ) يقول : يوم يعذبون ، فيقول : ذوقوا عذابكم . 
حدثت عن 
الحسين  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : أخبرنا 
عبيد  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله ( 
ذوقوا فتنتكم  ) يقول : حريقكم . 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان   ( 
ذوقوا فتنتكم  ) يقول : احتراقكم . 
حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله ( 
ذوقوا فتنتكم  ) قال : ذوقوا عذابكم . 
وقال آخرون : عنى بذلك : ذوقوا تعذيبكم أو كذبكم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله ( 
ذوقوا فتنتكم  ) يقول : تكذيبكم . 
حدثت عن 
الحسين  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : أخبرنا 
عبيد  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله ( 
ذوقوا فتنتكم  ) يقول : حريقكم ، ويقال : كذبكم . 
وقوله ( 
هذا الذي كنتم به تستعجلون  ) يقول - تعالى ذكره - : يقال لهم : هذا العذاب الذي توفونه اليوم ، هو العذاب الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا . 
وقوله ( 
إن المتقين في جنات وعيون  ) يقول - تعالى ذكره - : إن الذين اتقوا الله بطاعته ، واجتناب معاصيه في الدنيا في بساتين وعيون ماء في الآخرة .  
[ ص: 406 ] 
وقوله ( 
آخذين ما آتاهم ربهم  ) يقول - تعالى ذكره - : عاملين ما أمرهم به ربهم مؤدين فرائضه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان  ، عن 
أبي عمر  ، عن 
مسلم البطين  ، عن 
ابن عباس  في قوله ( 
آخذين ما آتاهم ربهم  ) قال : الفرائض . 
وقوله ( 
إنهم كانوا قبل ذلك محسنين  ) يقول : إنهم كانوا قبل أن يفرض عليهم الفرائض محسنين ، يقول : كانوا لله قبل ذلك مطيعين . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان  ، عن 
أبي عمر  ، عن 
مسلم البطين  ، عن 
ابن عباس   ( 
إنهم كانوا قبل ذلك محسنين  ) قال : قبل الفرائض محسنين يعملون .