القول في 
تأويل قوله تعالى : ( فتول عنهم فما أنت بملوم  ( 54 ) 
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين  ( 55 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لنبيه 
محمد   - صلى الله عليه وسلم - : فتول يا 
محمد  عن هؤلاء المشركين بالله من 
قريش  ، يقول : فأعرض عنهم حتى يأتيك فيهم أمر الله ، يقال : ولى فلان عن فلان : إذا أعرض عنه وتركه ، كما قال 
حصين بن ضمضم   : 
أما بنو عبس فإن هجينهم ولى فوارسه وأفلت أعورا 
والأعور في هذا الوضع : الذي عور فلم تقض حاجته ، ولم يصب ما طلب . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان  ، عن 
ليث  ، عن 
مجاهد   ( 
فتول عنهم  ) قال : فأعرض عنهم . 
وقوله ( 
فما أنت بملوم  ) يقول جل ثناؤه : فما أنت يا 
محمد  بملوم ، لا يلومك ربك على تفريط كان منك في الإنذار ، فقد أنذرت ، وبلغت ما أرسلت به .  
[ ص: 443 ] 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى  ، وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  قوله ( 
فتول عنهم فما أنت بملوم  ) قال : 
محمد   - صلى الله عليه وسلم - . 
حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد   . في قوله ( 
فتول عنهم فما أنت بملوم  ) قال : قد بلغت ما أرسلناك به ، فلست بملوم ، قال : وكيف يلومه ، وقد أدى ما أمر به . 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله ( 
فتول عنهم فما أنت بملوم  ) ذكر لنا أنها لما نزلت هذه الآية ، اشتد على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ورأوا أن الوحي قد انقطع ، وأن العذاب قد حضر ، فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك : ( 
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين  ) . 
حدثني 
يعقوب بن إبراهيم  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية  قال : أخبرنا 
أيوب  ، عن 
مجاهد  قال : خرج علي معتجرا ببرد ، مشتملا بخميصة ، فقال لما نزلت ( 
فتول عنهم فما أنت بملوم  ) أحزننا ذلك وقلنا : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتولى عنا حتى نزل ( 
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين  ) . 
وقوله ( 
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين  ) يقول : وعظ يا 
محمد  من أرسلت إليه ، فإن 
العظة تنفع أهل الإيمان بالله . 
كما حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان  ، عن 
ليث  ، عن مجاهد ( 
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين  ) قال : وعظهم .