صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ( 56 ) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ( 57 ) ) [ ص: 444 ]

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فقال بعضهم : معنى ذلك : وما خلقت السعداء من الجن والإنس إلا لعبادتي ، والأشقياء منهم لمعصيتي .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) قال : ما جبلوا عليه من الشقاء والسعادة .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم بنحوه .

حدثني عبد الأعلى بن واصل قال : ثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم ، بمثله .

حدثنا حميد بن الربيع الخراز قال : ثنا ابن يمان قال : ثنا ابن جريج ، عن زيد بن أسلم في قوله ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) قال : جبلهم على الشقاء والسعادة .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) قال : من خلق للعبادة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك . وما خلقت الجن والإنس إلا ليذعنوا لي بالعبودة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) : إلا ليقروا بالعبودة طوعا وكرها . [ ص: 445 ]

وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرنا عن ابن عباس ، وهو : ما خلقت الجن والإنس إلا لعبادتنا ، والتذلل لأمرنا .

فإن قال قائل : فكيف كفروا وقد خلقهم للتذلل لأمره؟ قيل : إنهم قد تذللوا لقضائه الذي قضاه عليهم ، لأن قضاءه جار عليهم ، لا يقدرون من الامتناع منه إذا نزل بهم ، وإنما خالفه من كفر به في العمل بما أمره به ، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه .

وقوله ( ما أريد منهم من رزق ) يقول - تعالى ذكره - : ما أريد ممن خلقت من الجن والإنس من رزق يرزقونه خلقي ( وما أريد أن يطعمون ) يقول : وما أريد منهم من قوت أن يقوتوهم ، ومن طعام أن يطعموهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار قال : ثنا معاذ بن هشام قال : ثنا أبي ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ( ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ) قال : يطعمون أنفسهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية