صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أفتمارونه على ما يرى ( 12 ) ولقد رآه نزلة أخرى ( 13 ) عند سدرة المنتهى ( 14 ) عندها جنة المأوى ( 15 ) إذ يغشى السدرة ما يغشى ( 16 ) ) [ ص: 510 ]

اختلفت القراء في قراءة ( أفتمارونه ) ، فقرأ ذلك عبد الله بن مسعود وعامة أصحابه " أفتمرونه " بفتح التاء بغير ألف ، وهي قراءة عامة أهل الكوفة ، ووجهوا تأويله إلى أفتجحدونه .

حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم أنه كان يقرأ : " أفتمرونه " بفتح التاء بغير ألف ، يقول : أفتجحدونه ، ومن قرأ ( أفتمارونه ) قال : أفتجادلونه . وقرأ ذلك عامة قراء المدينة ومكة والبصرة وبعض الكوفيين ( أفتمارونه ) بضم التاء والألف ، بمعنى : أفتجادلونه .

والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، وذلك أن المشركين قد جحدوا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أراه الله ليلة أسري به وجادلوا في ذلك ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .

وتأويل الكلام : أفتجادلون أيها المشركون محمدا على ما يرى مما أراه الله من آياته .

وقوله ( ولقد رآه نزلة أخرى ) يقول : لقد رآه مرة أخرى .

واختلف أهل التأويل في الذي رأى محمد نزلة أخرى نحو اختلافهم في قوله : ( ما كذب الفؤاد ما رأى ) .

ذكر بعض ما روي في ذلك من الاختلاف .

ذكر من قال فيه رأى جبريل عليه السلام :

حدثنا محمد بن المثنى قال : ثنا عبد الوهاب الثقفي قال : ثنا داود ، [ ص: 511 ] عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة ، أن عائشة قالت : يا أبا عائشة من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ; قال : وكنت متكئا ، فجلست ، فقلت : يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني ، أرأيت قول الله ( ولقد رآه نزلة أخرى ، ولقد رآه بالأفق المبين ) قالت : إنما هو جبريل رآه مرة على خلقه وصورته التي خلق عليها ، ورآه مرة أخرى حين هبط من السماء إلى الأرض سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض ، قالت : أنا أول من سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية ، قال : " هو جبريل عليه السلام " .

حدثنا ابن المثنى قال : ثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى ، عن داود ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة بنحوه .

حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا داود ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : كنت عند عائشة ، فذكر نحوه .

حدثنا ابن وكيع قال : ثنا عبد الأعلى ، عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت له : يا أبا عائشة ، من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ، والله يقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) - ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) قال : وكنت متكئا ، فجلست وقلت : يا أم المؤمنين انتظري ولا تعجلي؛ ألم يقل الله ( ولقد رآه نزلة أخرى ) - ( ولقد رآه بالأفق المبين ) فقالت : أنا أول هذه الأمة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : " لم أر جبريل على صورته إلا هاتين المرتين منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض " .

حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ابن علية قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : كنت متكئا عند عائشة ، فقالت : يا أبا عائشة ، ثم ذكر نحوه .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود ( ولقد رآه نزلة أخرى ) قال : رأى جبريل في رفرف [ ص: 512 ] قد ملأ ما بين السماء والأرض .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن وهب ، عن مرة ، عن ابن مسعود ( ولقد رآه نزلة أخرى ) قال : رأى جبريل في وبر رجليه كالدر ، مثل القطر على البقل .

حدثني الحسين بن علي الصدائي قال : ثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن قيس بن وهب ، عن مرة فى قوله ( ولقد رآه نزلة أخرى ) ثم ذكر نحوه .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مجاهد ( ولقد رآه نزلة أخرى ) قال : رأى جبريل في صورته مرتين .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل الحضرمي ، عن مجاهد قال : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل عليه السلام في صورته مرتين .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ( ولقد رآه نزلة أخرى ) قال : جبريل عليه السلام .

حدثنا عبد الحميد بن بيان قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن عامر قال : ثني عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن كعب أنه أخبره أن الله تبارك وتعالى قسم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد ، فكلمه موسى مرتين ، ورآه محمد مرتين ، قال : فأتى مسروق عائشة ، فقال : يا أم المؤمنين ، هل رأى محمد ربه ، فقالت : سبحان الله لقد قف شعري لما قلت : أين أنت من ثلاثة من حدثك بهن فقد كذب ، من أخبرك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت [ ص: 513 ] ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) ، ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) ومن أخبرك ما في غد فقد كذب ، ثم تلت آخر سورة لقمان ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ) ومن أخبرك أن محمدا كتم شيئا من الوحي فقد كذب ، ثم قرأت ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) قالت : ولكنه رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين .

حدثنا موسى بن عبد الرحمن قال : ثنا أبو أسامة قال : ثني إسماعيل ، عن عامر قال : ثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : سمعت كعبا ، ثم ذكر نحو حديث عبد الحميد بن بيان ، غير أنه قال في حديثه فرآه محمد مرة ، وكلمه موسى مرتين .

ذكر من قال فيه : رأى ربه عز وجل .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا عمرو بن حماد قال : ثنا أسباط ، عن سماك عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال ( ولقد رآه نزلة أخرى ) قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بقلبه ، فقال له رجل عند ذلك : أليس ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) ؟ قال له عكرمة : أليس ترى السماء ؟ قال : بلى ، أفكلها ترى؟ .

حدثنا سعيد بن يحيى قال : ثنا أبي ، قال : ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن ابن عباس في قول الله ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) قال : دنا ربه فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى; قال : قال ابن عباس قد رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله ( عند سدرة المنتهى ) يقول - تعالى ذكره - : ولقد رآه عند سدرة المنتهى ، ف" عند " من صلة قوله ( رآه ) والسدرة : شجرة النبق .

وقيل لها سدرة المنتهى في قول بعض أهل العلم من أهل التأويل ، لأنه إليها ينتهي علم كل عالم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا يعقوب ، عن حفص بن حميد ، عن شمر قال : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار ، فقال له : حدثني عن قول الله [ ص: 514 ] ( عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ) فقال كعب : إنها سدرة في أصل العرش ، إليها ينتهي علم كل عالم ، ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، ما خلفها غيب ، لا يعلمه إلا الله .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال أخبرني جرير بن حازم ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف قال : سأل ابن عباس كعبا ، عن سدرة المنتهى وأنا حاضر ، فقال كعب : إنها سدرة على رءوس حملة العرش ، وإليها ينتهي علم الخلائق ، ثم ليس لأحد وراءها علم ، ولذلك سميت سدرة المنتهى ، لانتهاء العلم إليها .

وقال آخرون : قيل لها سدرة المنتهى ، لأنها ينتهي ما يهبط من فوقها ، ويصعد من تحتها من أمر الله إليها .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا سهل بن عامر قال : ثنا مالك ، عن الزبير ، عن عدي ، عن طلحة اليامي ، عن مرة ، عن عبد الله قال : لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهي به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة ، إليها ينتهي من يعرج من الأرض أو من تحتها ، فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها ، فيقبض فيها .

حدثني جعفر بن محمد المروزي قال : ثنا يعلى ، عن الأجلح قال : قلت للضحاك : لم تسمى سدرة المنتهى؟ قال : لأنه ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها .

وقال آخرون : قيل لها : سدرة المنتهى ، لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنهاجه .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع [ ص: 515 ] ( عند سدرة المنتهى ) ، قال : إليها ينتهي كل أحد ، خلا على سنة أحمد ، فلذلك سميت المنتهى .

حدثني علي بن سهل قال : ثنا حجاج قال : ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة ، أو غيره " شك أبو جعفر الرازي " قال : لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك .

والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن معنى المنتهى الانتهاء ، فكأنه قيل : عند سدرة الانتهاء . وجائز أن يكون قيل لها سدرة المنتهى : لانتهاء علم كل عالم من الخلق إليها ، كما قال كعب . وجائز أن يكون قيل ذلك لها ؛ لانتهاء ما يصعد من تحتها ، وينزل من فوقها إليها ، كما روي عن عبد الله . وجائز أن يكون قيل ذلك كذلك لانتهاء كل من خلا من الناس على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها . وجائز أن يكون قيل لها ذلك لجميع ذلك ، ولا خبر يقطع العذر بأنه قيل ذلك لها لبعض ذلك دون بعض ، فلا قول فيه أصح من القول الذي قال ربنا جل جلاله ، وهو أنها سدرة المنتهى .

وبالذي قلنا في أنها شجرة النبق تتابعت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال أهل العلم .

ذكر ما في ذلك من الآثار ، وقول أهل العلم :

حدثنا ابن بشار قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " انتهيت إلى السدرة فإذا نبقها مثل الجرار ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة فلما غشيها من أمر الله ما غشيها ، تحولت ياقوتا وزمردا ونحو ذلك " .

حدثنا محمد بن المثنى قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد عن قتادة ، عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه قال : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " لما انتهيت إلى السماء السابعة أتيت على إبراهيم فقلت : يا جبريل من هذا؟ [ ص: 516 ] قال : هذا أبوك إبراهيم ، فسلمت عليه ، فقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، قال : ثم رفعت لي سدرة المنتهى فحدث نبي الله أن نبقها مثل قلال هجر ، وأن ورقها مثل آذان الفيلة " .

وحدثنا ابن المثنى قال : ثنا خالد بن الحارث قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بنحوه .

حدثنا ابن المثنى قال : ثنا معاذ بن هشام قال : ثني أبي ، عن قتادة قال : ثنا أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ، فذكر نحوه .

حدثنا أحمد بن أبي سريج قال : ثنا الفضل بن عنبسة قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ركبت البراق ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى ، فإذا ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال ; قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت ، فما أحد يستطيع أن يصفها من حسنها ، قال : فأوحى الله إلي ما أوحى " .

حدثنا أحمد بن أبي سريج قال : ثنا أبو النضر قال : ثنا سليمان بن المغيرة ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عرج بي الملك ; قال : ثم انتهيت إلى السدرة وأنا أعرف أنها سدرة ، أعرف ورقها وثمرها ; قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تحولت حتى ما يستطيع أحد أن يصفها " .

حدثنا محمد بن سنان القزاز قال : ثنا يونس بن إسماعيل قال : ثنا سليمان ، عن ثابت ، عن أنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله ، إلا أنه قال : " حتى ما أستطيع أن أصفها " .

حدثنا علي بن سهل قال : ثنا حجاج قال : ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة أو غيره " شك أبو جعفر الرازي " قال : لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى السدرة ، فقيل له : [ ص: 517 ] هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها تغطي الأمة كلها " .

وحدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل الحضرمي ، عن الحسن العرني ، أراه عن الهذيل بن شرحبيل ، عن ابن مسعود ( سدرة المنتهى ) قال : من صبر الجنة عليها أو عليه فضول السندس والإستبرق ، أو جعل عليها فضول .

وحدثنا ابن حميد مرة أخرى ، عن مهران ، فقال : عن الحسن العرني ، عن الهذيل ، عن ابن مسعود " ولم يشك فيه " ، وزاد فيه : قال صبر الجنة : يعني وسطها; وقال أيضا : عليها فضول السندس والإستبرق .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني ، عن الهذيل بن شرحبيل ، عن عبد الله بن مسعود في قوله ( سدرة المنتهى ) قال : صبر الجنة عليها السندس والإستبرق .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر سدرة المنتهى ، فقال : يسير في ظل الفنن منها مئة راكب ، أو قال : يستظل في الفنن منها مئة راكب " ، شك يحيى " ، فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القلال " .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن سدرة المنتهى ، قال : السدرة : شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها ، وإن ورقة منها غشت الأمة كلها .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( عند سدرة المنتهى ) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " رفعت لي سدرة منتهاها [ ص: 518 ] في السماء السابعة ، نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان الفيلة ، يخرج من ساقها نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، قال : قلت لجبريل ما هذان النهران أرواح قال : أما النهران الباطنان ففي الجنة ، وأما النهران الظاهران : فالنيل والفرات " .

وقوله ( عندها جنة المأوى ) يقول - تعالى ذكره - : عند سدرة المنتهى جنة مأوى الشهداء .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( عندها جنة المأوى ) قال : هي يمين العرش ، وهي منزل الشهداء .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن داود ، عن أبي العالية عن ابن عباس ( عندها جنة المأوى ) قال : هو كقوله ( فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون ) .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( عندها جنة المأوى ) قال : منازل الشهداء .

وقوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) يقول - تعالى ذكره - : ولقد رآه نزلة أخرى ; إذ يغشى السدرة ما يغشى ، ف" إذ " من صلة " رآه " .

واختلف أهل التأويل في الذي يغشى السدرة ، فقال بعضهم : غشيها فراش الذهب .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 519 ]

حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا سهل بن عامر قال : ثنا مالك ، عن الزبير بن عدي ، عن طلحة اليامي ، عن مرة ، عن عبد الله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : غشيها فراش من ذهب .

حدثني أبو السائب قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم أو طلحة " شك الأعمش " عن مسروق في قوله : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : غشيها فراش من ذهب .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيتها بعيني سدرة المنتهى حتى استثبتها ثم حال دونها فراش من ذهب " .

حدثنا ابن وكيع قال : ثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيتها حتى استثبتها ، ثم حال دونها فراش الذهب " .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن مجاهد وإبراهيم في قوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : غشيها فراش من ذهب .

حدثنا ابن حميد قال : : ثنا مهران ، عن موسى ، يعني ابن عبيدة ، عن يعقوب بن زيد قال : " سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما رأيت يغشى السدرة ؟ قال : رأيتها يغشاها فراش من ذهب " .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : قيل له : يا رسول الله ، أي شيء رأيت يغشى تلك السدرة ؟ قال : رأيتها يغشاها فراش من ذهب ، ورأيت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله " .

وقال آخرون : الذي غشيها رب العزة وملائكته .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 520 ]

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : غشيها الله ، فرأى محمد من آيات ربه الكبرى .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : كان أغصان السدرة لؤلؤا وياقوتا أو زبرجدا ، فرآها محمد ، ورأى محمد بقلبه ربه .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال : غشيها نور الرب ، وغشيتها الملائكة من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجر " .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بنحوه .

حدثنا علي بن سهل قال : ثنا حجاج قال : ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة أو غيره " شك أبو جعفر " قال : لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى السدرة ، قال : فغشيها نور الخلاق ، وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجر ، قال : فكلمه عند ذلك ، فقال له : سل .

التالي السابق


الخدمات العلمية