صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى ( 52 ) والمؤتفكة أهوى ( 53 ) فغشاها ما غشى ( 54 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وأنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود ، إنهم كانوا هم أشد ظلما لأنفسهم ، وأعظم كفرا بربهم ، وأشد طغيانا وتمردا على الله من الذين أهلكهم من بعد من الأمم ، وكان طغيانهم الذي وصفهم الله به ، وأنهم كانوا بذلك أكثر طغيانا من غيرهم من الأمم .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى ) لم يكن قبيل من الناس هم أظلم وأطغى من قوم نوح ، دعاهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نوح ألف سنة إلا خمسين عاما ، كلما هلك قرن ونشأ قرن دعاهم نبي الله حتى ذكر لنا أن الرجل كان يأخذ [ ص: 554 ] بيد ابنه فيمشي به ، فيقول : يا بني إن أبي قد مشى بي إلى هذا ، وأنا مثلك يومئذ تتابعا في الضلالة ، وتكذيبا بأمر الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( إنهم كانوا هم أظلم وأطغى ) قال : دعاهم نبي الله ألف سنة إلا خمسين عاما .

وقوله : ( والمؤتفكة أهوى ) يقول تعالى : والمخسوف بها ، المقلوب أعلاها أسفلها ، وهي قرية سذوم قوم لوط ، أهوى الله ، فأمر جبريل - صلى الله عليه وسلم - ، فرفعها من الأرض السابعة بجناحه ، ثم أهواها مقلوبة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله ( والمؤتفكة أهوى ) قال : أهواها جبريل ، قال : رفعها إلى السماء ثم أهواها .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي عيسى يحيى بن رافع : ( والمؤتفكة أهوى ) قال : قرية لوط حين أهوى بها .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( والمؤتفكة أهوى ) قال : قرية لوط .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( والمؤتفكة أهوى ) قال : هم قوم لوط .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( والمؤتفكة أهوى ) قال : قرية لوط أهواها من السماء ، ثم أتبعها ذاك الصخر ، اقتلعت من الأرض ، ثم هوى بها في السماء ثم قلبت . [ ص: 555 ]

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( والمؤتفكة أهوى ) قال : المكذبين أهلكهم الله .

وقوله : ( فغشاها ما غشى ) يقول - تعالى ذكره - : فغشى الله المؤتفكة من الحجارة المنضودة المسومة ما غشاها ، فأمطرها إياه من سجيل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فغشاها ما غشى ) غشاها صخرا منضودا .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فغشاها ما غشى ) قال : الحجارة .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( فغشاها ما غشى ) قال : الحجارة التي رماهم بها من السماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية