1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة القمر
  4. القول في تأويل قوله تعالى" كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ( 9 ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ( 10 ) )

وهذا وعيد من الله - تعالى ذكره - ، وتهديد للمشركين من أهل مكة وسائر من أرسل إليه رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - على تكذيبهم إياه ، وتقدم منه إليهم إن هم لم ينيبوا من تكذيبهم إياه ، أنه محل بهم ما أحل بالأمم الذين قص قصصهم في هذه [ ص: 576 ] السورة من الهلاك والعذاب ، ومنج نبيه محمدا والمؤمنين به ، كما نجى من قبله الرسل وأتباعهم من نقمه التي أحلها بأممهم ، فقال جل ثناؤه لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : كذبت يا محمد - قبل هؤلاء الذين كذبوك من قومك ، الذين إذا رأوا آية أعرضوا وقالوا سحر مستمر - قوم نوح ، فكذبوا عبدنا نوحا إذ أرسلناه إليهم ، كما كذبتك قريش إذ أتيتهم بالحق من عندنا وقالوا : هو مجنون وازدجر ، وهو افتعل من زجرت ، وكذا تفعل العرب بالحرف إذا كان أوله زايا صيروا تاء الافتعال منه دالا ، من ذلك قولهم : ازدجر من زجرت ، وازدلف من زلفت ، وازديد من زدت .

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي زجروه ، فقال بعضهم : كان زجرهم إياه أن قالوا : استطير جنونا .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار قال : ثنا يحيى ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( وقالوا مجنون وازدجر ) قال : استطير جنونا .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( وازدجر ) قال : استطير جنونا .

حدثنا ابن المثنى قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد في هذه الآية ( وقالوا مجنون وازدجر ) قال : استعر جنونا .

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال : ثنا زيد بن الحباب قال : وأخبرني شعبة بن الحجاج ، عن الحكم ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 577 ]

وقال آخرون : بل كان زجرهم إياه وعيدهم له بالشتم والرجم بالقول القبيح .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وقالوا مجنون وازدجر ) قال : اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكونن من المرجومين ، وقرأ ( لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ) .

وقوله ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) يقول - تعالى ذكره - : فدعا نوح ربه : إن قومي قد غلبوني ، تمردوا وعتوا ، ولا طاقة لي بهم ، فانتصر منهم بعقاب من عندك على كفرهم بك .

التالي السابق


الخدمات العلمية