القول في تأويل قوله تعالى : ( 
ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر  ( 11 ) 
وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر  ( 12 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - ( ففتحنا ) لما دعانا 
نوح  مستغيثا بنا على قومه ( 
أبواب السماء بماء منهمر  ) وهو المندفق ، كما قال 
امرؤ القيس  في صفة غيث : 
راح تمريه الصبا ثم انتحى فيه شؤبوب جنوب منهمر 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  
[ ص: 578 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان   ( 
بماء منهمر  ) قال : ينصب انصبابا  . 
وقوله ( 
وفجرنا الأرض عيونا  ) يقول جل ثناؤه : وأسلنا الأرض عيون الماء . 
كما حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان  في قوله ( 
وفجرنا الأرض عيونا  ) قال : فجرنا الأرض الماء وجاء من السماء ( 
فالتقى الماء على أمر قد قدر  ) يقول - تعالى ذكره - : فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدره الله وقضاه  . 
كما حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
مهران  ، عن 
سفيان   ( 
فالتقى الماء على أمر قد قدر  ) قال : ماء السماء وماء الأرض  . وإنما قيل : فالتقى الماء على أمر قد قدر ، والالتقاء لا يكون من واحد ، وإنما يكون من اثنين فصاعدا ، لأن الماء قد يكون جمعا وواحدا ، وأريد به في هذا الموضع : مياه السماء ومياه الأرض ، فخرج بلفظ الواحد ومعناه الجمع . وقيل : التقى الماء على أمر قد قدر ، لأن ذلك كان أمرا قد قضاه الله في اللوح المحفوظ . 
كما حدثنا 
ابن بشار  قال : ثنا 
مؤمل  قال : ثنا 
سفيان  ، عن 
موسى بن عبيدة  عن 
محمد بن كعب  قال : كانت الأقوات قبل الأجساد ، وكان القدر قبل البلاء ، وتلا ( 
فالتقى الماء على أمر قد قدر  )  .