القول في تأويل قوله تعالى : ( 
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر  ( 32 ) 
كذبت قوم لوط بالنذر  ( 33 ) 
إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر  ( 34 ) 
نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر  ( 35 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ولقد هونا القرآن بيناه للذكر : يقول : لمن أراد أن يتذكر به فيتعظ ( 
فهل من مدكر  ) يقول : فهل من متعظ به ومعتبر فيعتبر به ، فيرتدع عما يكرهه الله منه .  
[ ص: 596 ] 
وقوله ( 
كذبت قوم لوط بالنذر  ) يقول - تعالى ذكره - : كذبت 
قوم لوط  بآيات الله التي أنذرهم وذكرهم بها . 
وقوله ( 
إنا أرسلنا عليهم حاصبا  ) يقول - تعالى ذكره - : إنا أرسلنا عليهم حجارة . 
وقوله ( 
إلا آل لوط نجيناهم بسحر  ) يقول : غير 
آل لوط  الذين صدقوه واتبعوه على دينه فإنا نجيناهم من العذاب الذي عذبنا به قومه الذين كذبوه ، والحاصب الذي حصبناهم به بسحر : بنعمة من عندنا . يقول : نعمة أنعمناها على 
لوط  وآله ، وكرامة أكرمناهم بها من عندنا . 
وقوله ( 
كذلك نجزي من شكر  ) يقول : وكما أثبنا 
لوطا  وآله ، وأنعمنا عليه ، فأنجيناهم من عذابنا بطاعتهم إيانا كذلك نثيب من شكرنا على نعمتنا عليه ، فأطاعنا وانتهى إلى أمرنا ونهينا من جميع خلقنا . وأجرى قوله " بسحر " ؛ لأنه نكرة . وإذا قالوا : فعلت هذا سحر بغير باء لم يجروه .