صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ( 27 ) في سدر مخضود ( 28 ) وطلح منضود ( 29 ) وظل ممدود ( 30 ) وماء مسكوب ( 31 ) )

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( وأصحاب اليمين ) وهم الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين ، الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم يا محمد ( ما أصحاب اليمين ) أي شيء هم وما لهم ، وماذا أعد لهم من الخير . وقيل : إنهم أطفال المؤمنين .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن معمر قال : ثنا أبو هشام المخزومي قال : ثنا عبد الواحد قال : ثنا الأعمش قال : ثنا عثمان بن قيس ، أنه سمع زاذان أبا عمرو يقول : سمعت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول : ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ) قال : أصحاب اليمين : أطفال المؤمنين .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ) : أي ماذا لهم ، وماذا أعد لهم ، ثم ابتدأ الخبر عماذا أعد لهم في الجنة ، وكيف يكون حالهم إذا هم دخلوها ؟ فقال : هم ( في سدر مخضود ) يعني : في ثمر سدر موقر حملا قد ذهب شوكه .

وقد اختلف في تأويله أهل التأويل ، فقال بعضهم : يعني بالمخضود : الذي قد خضد من الشوك ، فلا شوك فيه .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 110 ]

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله : ( سدر مخضود ) قال : خضده وقره من الحمل ، ويقال : خضد حتى ذهب شوكه فلا شوك فيه .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ( في سدر مخضود ) قال : زعم محمد بن عكرمة قال : لا شوك فيه .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن حبيب ، عن عكرمة في قوله : ( في سدر مخضود ) قال : لا شوك فيه .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا هوذة بن خليفة قال : ثنا عوف ، عن قسامة بن زهير في قوله : ( في سدر مخضود ) قال : خضد من الشوك ، فلا شوك فيه .

حدثنا أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة قال : ثنا يحيى بن سعيد قال : ثنا عمرو بن عمرو بن عبد الله الأحموسي ، عن السفر بن نسير في قول الله - عز وجل - ( في سدر مخضود ) قال : خضد شوكه ، فلا شوك فيه .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( في سدر مخضود ) قال : كنا نحدث أنه الموقر الذي لا شوك فيه .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا سليمان قال : ثنا قتادة في قوله : ( في سدر مخضود ) قال : ليس فيه شوك .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ( في سدر مخضود ) قال : لا شوك له .

حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عكرمة ( في سدر مخضود ) قال : لا شوك فيه .

وحدثني به ابن حميد مرة أخرى ، عن مهران بهذا الإسناد ، عن عكرمة ، فقال : لا شوك له ، وهو الموقر . [ ص: 111 ]

وقال آخرون : بل عني به أنه الموقر حملا .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( مخضود ) قال : يقولون هذا الموقر حملا .

حدثني محمد بن سنان القزاز قال : ثنا أبو حذيفة قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( في سدر مخضود ) قال : الموقر .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( في سدر مخضود ) قال : الموقر .

حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( سدر مخضود ) يقول : موقر .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ( في سدر مخضود ) قال : ثمرها أعظم من القلال .

وقوله : ( وطلح منضود ) أما القراء فعلى قراءة ذلك بالحاء ( وطلح منضود ) وكذا هو في مصاحف أهل الأمصار . وروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ " وطلع منضود " بالعين .

حدثنا عبد الله بن محمد الزهري قال : ثنا سفيان قال : ثنا زكريا ، عن الحسن بن سعد ، عن أبيه - رضي الله عنه - قرأها " وطلع منضود " .

حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال : ثني أبي قال : ثنا مجاهد ، عن الحسن بن سعد ، عن قيس بن سعد قال : قرأ رجل عند علي ( وطلح منضود ) فقال علي : ما شأن الطلح ، إنما هو : " وطلع منضود " ، ثم قرأ ( طلعها هضيم ) فقلنا أولا نحولها ، فقال : إن القرآن لا يهاج اليوم ، ولا يحول . وأما الطلح فإن المعمر بن المثنى كان يقول : هو عند العرب شجر [ ص: 112 ] عظام كثير الشوك ، وأنشد لبعض الحداة :


بشرها دليلها وقالا غدا ترين الطلح والحبالا



وأما أهل التأويل من الصحابة والتابعين فإنهم يقولون : إنه هو الموز .

حدثنا حميد بن مسعدة قال : ثنا بشر بن المفضل قال : ثنا سليمان التيمي ، عن أبي سعيد مولى بني رقاش قال : سألت ابن عباس عن الطلح ، فقال : هو الموز .

حدثني يعقوب قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا سليمان التيمي قال : ثنا أبو سعيد الرقاشي ، أنه سمع ابن عباس يقول : الطلح المنضود : هو الموز .

حدثني يعقوب وأبو كريب قالا : ثنا ابن علية ، عن سليمان قال : ثنا أبو سعيد الرقاشي ، قال قلت لابن عباس : ما الطلح المنضود ؟ قال : هو الموز .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه قال : ثنا أبو سعيد الرقاشي قال : سألت ابن عباس عن الطلح ، فقال : هو الموز .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن التيمي ، عن أبي سعيد الرقاشي ، عن ابن عباس ( وطلح منضود ) قال : الموز .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الكلبي ، عن الحسن بن سعيد ، عن علي رضي الله عنه ( وطلح منضود ) قال : الموز .

حدثني يعقوب قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا أبو بشر ، عن رجل [ ص: 113 ] من أهل البصرة أنه سمع ابن عباس يقول في الطلح المنضود : هو الموز .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( وطلح منضود ) قال : موزكم ؛ لأنهم كانوا يعجبون بوج وظلاله من طلحه وسدره .

حدثنا محمد بن سنان قال : ثنا أبو حذيفة قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء في قوله : ( وطلح منضود ) قال : الموز .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا هوذة بن خليفة ، عن عوف ، عن قسامة قال : الطلح المنضود : هو الموز .

قال : ثنا سليمان قال : ثنا أبو هلال ، عن قتادة في قول الله ( وطلح منضود ) قال : الموز .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وطلح منضود ) قال : الموز .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وطلح منضود ) كنا نحدث أنه الموز .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( وطلح منضود ) قال الله أعلم ، إلا أن أهل اليمن يسمون الموز الطلح .

وقوله : ( منضود ) يعني أنه قد نضد بعضه على بعض ، وجمع بعضه إلى بعض .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وطلح منضود ) قال : بعضه على بعض . [ ص: 114 ]

حدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( وطلح منضود ) متراكم ؛ لأنهم يعجبون بوج وظلاله من طلحه وسدره .

وقوله : ( وظل ممدود ) يقول : وهم في ظل دائم لا تنسخه الشمس فتذهبه ، وكل ما لا انقطاع له فإنه ممدود ، كما قال لبيد :


غلب البقاء - وكنت غير مغلب -     دهر طويل دائم ممدود



وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار ، وقال به أهل العلم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( وظل ممدود ) قال : خمسمائة ألف سنة .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن زياد مولى بني مخزوم ، عن أبي هريرة قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ، اقرءوا إن شئتم ( وظل ممدود ) فبلغ ذلك كعبا ، فقال : صدق والذي أنزل التوراة على لسان موسى ، والفرقان على لسان محمد ، لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها ، حتى يسقط هرما ، إن الله غرسها بيده ، ونفخ فيها من روحه ، وإن أفنانها لمن وراء سور الجنة وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة " .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن زياد مولى لبني مخزوم أنه سمع أبا هريرة يقول : ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال : وما في الجنة من نهر . [ ص: 115 ]

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( وظل ممدود ) قال : مسيرة سبعين ألف سنة .

حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني أبو يحيى بن سليمان ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ، اقرءوا إن شئتم ( وظل ممدود ) " .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا يحيى بن واضح قال : ثنا الحسين بن محمد ، عن زياد قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ، اقرءوا إن شئتم ( وظل ممدود ) " .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا يحيى بن واضح قال : ثنا الحسين بن محمد ، عن زياد قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " وإن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، اقرءوا إن شئتم ( وظل ممدود ) . "

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا شعبة ، عن أبي الضحي قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وإن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها : شجرة الخلد " .

حدثنا ابن المثنى قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة قال : سمعت أبا الضحاك يحدث ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " وإن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها سبعين أو مائة عام . هي شجرة الخلد " . [ ص: 116 ]

حدثنا ابن المثنى قال : ثنا أبو داود قال : ثنا عمران ، عن قتادة ، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .

قال : ثنا أبو داود قال : ثنا عمران ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا وكيع ، عن حماد بن سلمة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا عبدة وعبد الرحمن ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها ، اقرءوا إن شئتم قوله : ( وظل ممدود ) " .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا فردوس قال : ثنا ليث ، عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة " .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا المحاربي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا خالد بن الحارث قال : ثنا عوف ، عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا خالد قال : ثنا عوف ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وبمثله عن خلاس .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا أبو بكر قال : ثنا أبو حصين قال : كنا على باب في موضع ومعنا أبو صالح وشقيق - يعني - الضبي ، فحدث أبو صالح ، [ ص: 117 ] فقال : حدثني أبو هريرة قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما . فقال أبو صالح أتكذب أبا هريرة ؟ . فقال : ما أكذب أبا هريرة ، ولكني أكذبك . قال : فشق على القراء يومئذ .

حدثنا محمد بن بشار قال : ثنا سليمان قال : ثنا أبو هلال ، عن قتادة ( وظل ممدود ) قال : حدثنا ، عن أنس بن مالك قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها .

قال ثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وظل ممدود ) قال قتادة : حدثنا أنس بن مالك ، أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة مثل ذلك أيضا .

وقوله : ( وماء مسكوب ) يقول - تعالى ذكره - وفيه أيضا ماء مسكوب ، يعني مصبوب سائل في غير أخدود .

كما حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وماء مسكوب ) قال : يجري في غير أخدود .

التالي السابق


الخدمات العلمية