القول في تأويل 
قوله تعالى : ( أفرأيتم ما تمنون  ( 58 ) 
أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون  ( 59 ) 
نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين  ( 60 ) 
على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون  ( 61 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لهؤلاء المكذبين بالبعث : أفرأيتم - أيها المنكرون قدرة الله على إحيائكم من بعد مماتكم - النطف التي تمنون في أرحام نسائكم أنتم تخلقون تلك أم نحن الخالقون .  
[ ص: 137 ] 
وقوله : ( 
نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين  ) يقول - تعالى ذكره - : نحن قدرنا بينكم أيها الناس الموت ، فعجلناه لبعض ، وأخرناه عن بعض إلى أجل مسمى . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى  وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  في قوله : ( 
قدرنا بينكم الموت  ) قال : المستأخر والمستعجل . 
وقوله : ( 
وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم  ) يقول - تعالى ذكره - : ( 
وما نحن بمسبوقين  ) أيها الناس في أنفسكم وآجالكم ، فمفتات علينا فيها في الأمر الذي قدرناه لها من حياة وموت بل لا يتقدم شيء من أجلنا ، ولا يتأخر عنه . 
وقوله : ( 
على أن نبدل أمثالكم  ) يقول : على أن نبدل منكم أمثالكم بعد مهلككم فنجيء بآخرين من جنسكم . 
وقوله : ( 
وننشئكم في ما لا تعلمون  ) يقول : ونبدلكم عما تعلمون من أنفسكم فيما لا تعلمون منها من الصور . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى  وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  في قوله : ( 
وننشئكم  ) في أي خلق شئنا  .