القول في تأويل قوله تعالى : ( 
أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون  ( 13 ) )  
[ ص: 251 ] 
يقول - تعالى ذكره - : أشق عليكم وخشيتم - أيها المؤمنون بأن تقدموا بين يدي نجواكم رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات - الفاقة . وأصل الإشفاق في كلام العرب : الخوف والحذر ، ومعناه في هذا الموضع : أخشيتم بتقديم الصدقة الفاقة والفقر . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو  قال : ثنا 
أبو عاصم  قال : ثنا 
عيسى  وحدثني 
الحارث  قال : ثنا 
الحسن  قال : ثنا 
ورقاء  جميعا عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد   ( أأشفقتم ) قال : شق عليكم تقديم الصدقة ، فقد وضعت عنكم ، وأمروا بمناجاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير صدقة حين شق عليهم ذلك . 
حدثني 
موسى بن عبد الرحمن المسروقي  قال : ثنا 
أبو أسامة  ، عن 
شبل بن عباد المكي  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  مثله . 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة   ( 
أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة  ) : فريضتان واجبتان لا رجعة لأحد فيهما ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الصدقة في النجوى . 
وقوله : ( 
فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم  ) يقول - تعالى ذكره - : فإذ لم تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ، ورزقكم الله التوبة من ترككم ذلك ، فأدوا فرائض الله التي أوجبها عليكم ، ولم يضعها عنكم من الصلاة والزكاة ، وأطيعوا الله ورسوله فيما أمركم به ، وفيما نهاكم عنه . 
( 
والله خبير بما تعملون  ) يقول - جل ثناؤه - : والله ذو خبرة وعلم بأعمالكم ، وهو محصيها عليكم ليجازيكم بها .