1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الحشر
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ( 5 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ما قطعتم من ألوان النخل ، أو تركتموها قائمة على أصولها .

اختلف أهل التأويل في معنى اللينة ، فقال بعضهم : هي جميع أنواع النخل سوى العجوة . [ ص: 269 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا سفيان ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة : ( 5 ) ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة .

حدثنا ابن المثنى قال : ثنا عبد الأعلى قال : ثنا داود ، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها ) قال : اللينة : ما دون العجوة من النخل .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن رومان في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : اللينة ما خالف العجوة من التمر .

وحدثنا به مرة أخرى فقال : من النخل .

حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية ، عن سعيد ، عن قتادة في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخل كله ما خلا العجوة .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) ، واللينة : ما خلا العجوة من النخل .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ( ما قطعتم من لينة ) : ألوان النخل كلها إلا العجوة .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران قال : ثنا سفيان ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة دون العجوة .

وقال آخرون : النخل كله لينة ، العجوة منه وغير العجوة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، [ ص: 270 ] عن مجاهد في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : نخلة . قال : نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل ، وقالوا : إنما هي مغانم المسلمين ، ونزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه ، وتحليل من قطعه من الإثم ، وإنما قطعه وتركه بإذنه .

حدثنا ابن المثنى قال : ثنا يحيى بن أبي بكير قال : ثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : اللينة : النخلة عجوة كانت أو غيرها . قال الله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : الذي قطعوا من نخل النضير حين غدرت النضير .

وقال آخرون : هي لون من النخل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : اللينة : لون من النخل .

وقال ، آخرون : هي كرام النخل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران قال : ثنا سفيان في ( ما قطعتم من لينة ) قال : من كرام نخلهم .

والصواب من القول في ذلك قول من قال : اللينة : النخلة ، وهن من ألوان النخل ما لم تكن عجوة ، وإياها عنى ذو الرمة بقوله :


طراق الخوافي واقع فوق لينة ندى ليله في ريشه يترقرق

[ ص: 271 ]

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : اللينة من اللون ، والليان في الجماعة واحدها اللينة . قال : وإنما سميت لينة لأنه فعلة من فعل ، هو اللون ، وهو ضرب من النخل ، ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء . وكان بعضهم ينكر هذا القول ويقول : لو كان كما قال لجمعوه : اللوان لا الليان . وكان بعض نحويي الكوفة يقول : جمع اللينة لين ، وإنما أنزلت هذه الآية فيما ذكر من أجل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قطع نخل بني النضير وحرقها ، قالت بنو النضير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنك كنت تنهى عن الفساد وتعيبه ، فما بالك تقطع نخلنا وتحرقها ؟ فأنزل الله هذه الآية ، فأخبرهم أن ما قطع من ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ترك ، فعن أمر الله فعل .

وقال آخرون : بل نزل ذلك لاختلاف كان من المسلمين في قطعها وتركها .

ذكر من قال : نزل ذلك لقول اليهود للمسلمين ما قالوا :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة بن الفضل قال : ثنا محمد بن إسحاق قال : ثنا يزيد بن رومان قال : لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم - يعني ببني النضير - تحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل ، والتحريق فيها ، فنادوه : يا محمد ، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخل وتحريقها ؟ فأنزل الله - عز وجل - : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) .

ذكر من قال : نزل ذلك لاختلاف كان بين المسلمين في أمرها :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها ) . . . الآية ، أي ليعظهم ، فقطع المسلمون يومئذ النخل ، وأمسك آخرون كراهية أن يكون إفسادا ، فقالت اليهود : آلله أذن لكم في الفساد ؟ فأنزل الله : ( ما قطعتم من لينة ) . [ ص: 272 ]

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها ) قال : نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل ، وقالوا : إنما هي مغانم المسلمين ، ونزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه ، وتحليل من قطعه من الإثم ، وإنما قطعه وتركه بإذنه .

حدثنا سليمان بن عمر بن خالد البرقي ، قال ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخل بني النضير ، وفي ذلك نزلت ( ما قطعتم من لينة ) . . . الآية ، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :


وهان على سراة بني لؤي     حريق بالبويرة مستطير



وقوله : ( فبإذن الله ) يقول : فبأمر الله قطعتم ما قطعتم ، وتركتم ما تركتم ، وليغيظ بذلك أعداءه ، ولم يكن فسادا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ( فبإذن الله ) : أي فبأمر الله قطعت ، ولم يكن فسادا ، ولكن نقمة من الله ، وليخزي الفاسقين . [ ص: 273 ]

وقوله : ( وليخزي الفاسقين ) وليذل الخارجين عن طاعة الله - عز وجل - المخالفين أمره ونهيه ، وهم يهود بني النضير .

التالي السابق


الخدمات العلمية