1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الجمعة
  4. القول في تأويل قوله تعالى "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا "
صفحة جزء
[ ص: 377 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ( 5 ) )

يقول تعالى ذكره : مثل الذين أوتوا التوراة من اليهود والنصارى ، فحملوا العمل بها ( ثم لم يحملوها ) يقول : ثم لم يعملوا بما فيها ، وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقد أمروا بالإيمان به فيها واتباعه والتصديق به ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) يقول : كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبا من كتب العلم ، لا ينتفع بها ، ولا يعقل ما فيها ، فكذلك الذين أوتوا التوراة التي فيها بيان أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، مثلهم إذا لم ينتفعوا بما فيها ، كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا فيها علم ، فهو لا يعقلها ولا ينتفع بها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( يحمل أسفارا ) قال : يحمل كتبا لا يدري ما فيها ، ولا يعقلها .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ) قال : يحمل كتابا لا يدري ماذا عليه ، ولا ماذا فيه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) قال : كمثل الحمار الذي يحمل كتبا ، لا يدري ما على ظهره . [ ص: 378 ]

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) كتبا ، والكتاب بالنبطية يسمى سفرا; ضرب الله هذا مثلا للذين أعطوا التوراة ثم كفروا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ) والأسفار : الكتب ، فجعل الله مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يتبع ما فيه ، كمثل الحمار يحمل كتاب الله الثقيل ، لا يدري ما فيه ، ثم قال : ( بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله ) . . . الآية .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) قال : الأسفار : التوراة التي يحملها الحمار على ظهره ، كما تحمل المصاحف على الدواب ، كمثل الرجل يسافر فيحمل مصحفه ، قال : فلا ينتفع الحمار بها حين يحملها على ظهره ، كذلك لم ينتفع هؤلاء بها حين لم يعملوا بها وقد أوتوها ، كما لم ينتفع بها هذا وهي على ظهره .

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي عن ابن عباس في قوله : ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) يقول : كتبا . والأسفار : جمع سفر ، وهي الكتب العظام .

وقوله : ( بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله ) يقول : بئس هذا المثل ، مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله ، يعني بأدلته وحججه ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) يقول تعالى ذكره : والله لا يوفق القوم الذين ظلموا أنفسهم ، فكفروا بآيات ربهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية