1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الجمعة
  4. القول في تأويل قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 9 ) )

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) وذلك هو النداء ، ينادى بالدعاء إلى صلاة الجمعة عند قعود الإمام على المنبر للخطبة ; ومعنى الكلام : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ( فاسعوا إلى ذكر الله ) يقول : فامضوا إلى ذكر الله ، واعملوا له; وأصل السعي في هذا الموضع العمل ، وقد ذكرنا الشواهد على ذلك فيما مضى قبل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا إسماعيل بن عياش ، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني ، في قول الله : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) قال : فاسعوا في العمل ، وليس السعي في المشي .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) والسعي [ ص: 381 ] يا ابن آدم أن تسعى بقلبك وعملك ، وهو المضي إليها .

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، قال : أخبرني مغيرة ، عن إبراهيم أنه قيل لعمر رضي الله عنه : إن أبيا يقرؤها ( فاسعوا ) قال : أما إنه أقرؤنا وأعلمنا بالمنسوخ وإنما هي : فامضوا .

حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ، قال : أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : ما سمعت عمر يقرؤها قط إلا : فامضوا .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، قال : ثنا حنظلة ، عن سالم بن عبد الله ، قال : كان عمر رضي الله عنه يقرؤها : فامضوا إلى ذكر الله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن حنظلة ، عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قرأها : فامضوا .

حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا حنظلة بن أبي سفيان الجمحي ، أنه سمع سالم بن عبد الله يحدث عن أبيه ، أنه سمع عمر بن الخطاب يقرأ ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله )

قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر ، أن عبد الله قال : لقد توفى الله عمر رضي الله عنه ، وما يقرأ هذه الآية التي ذكر الله فيها الجمعة : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) إلا : فامضوا إلى ذكر الله .

حدثني أبو السائب ، قال : ثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : كان عبد الله يقرؤها "فامضوا إلى ذكر الله" ويقول : لو قرأتها : فاسعوا ، لسعيت حتى يسقط ردائي .

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله : لو كان السعي لسعيت حتى يسقط ردائي ، قال : ولكنها ( فامضوا إلى ذكر الله ) قال : هكذا كان يقرؤها . [ ص: 382 ]

حدثني علي بن الحسين الأزدي ، قال : ثنا يحيى بن يمان الأزدي ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع عن أبي العالية أنه يقرؤها ( فامضوا إلى ذكر الله )

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، قال : ثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، أنه قرأها ( فامضوا إلى ذكر الله )

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : هي للأحرار .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن منصور عن رجل ، عن مسروق ، قال : عند الوقت .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن رجل ، عن مسروق ( إذا نودي للصلاة ) قال : عند الوقت .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، قال : هو عند العزمة عند الخطبة ، عند الذكر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) قال : النداء عند الذكر عزيمة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) قال : العزمة عند الذكر عند الخطبة .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان عن المغيرة والأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، قال : لو قرأتها ( فاسعوا ) لسعيت حتى يسقط ردائي ، وكان يقرؤها : ( فامضوا إلى ذكر الله )

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن الشعبي ، عن ابن مسعود قال : قرأها ( فامضوا )

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي حيان ، عن عكرمة ( فاسعوا إلى ذكر الله ) قال : السعي : العمل .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : وسألته عن قول الله : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) قال : إذا سمعتم الداعي الأول ، فأجيبوا إلى ذلك وأسرعوا ولا تبطئوا; قال : ولم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم أذان إلا أذانان : أذان حين يجلس على المنبر ، وأذان حين يقام الصلاة; قال : وهذا الآخر شيء أحدثه الناس بعد; قال : لا يحل له البيع إذا سمع النداء الذي يكون بين يدي الإمام إذا قعد على المنبر وقرأ : ( فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) قال : ولم يأمرهم يذرون شيئا غيره ، حرم البيع ثم أذن لهم فيه إذا فرغوا من الصلاة ، قال : والسعي أن يسرع إليها ، أن يقبل إليها .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : إن في حرف ابن مسعود ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله )

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) السعي : هو العمل ، قال الله : ( إن سعيكم لشتى ) .

وقوله : ( وذروا البيع ) يقول : ودعوا البيع والشراء إذا نودي للصلاة عند الخطبة .

وكان الضحاك يقول في ذلك ما حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء . [ ص: 384 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جويبر ، عن الضحاك ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) قال : إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء .

حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل السدي ، عن أبي مالك ، قال : كان قوم يجلسون في بقيع الزبير ، فيشترون ويبيعون إذا نودي للصلاة يوم الجمعة ، ولا يقومون ، فنزلت : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) وأما الذكر الذي أمر الله تبارك وتعالى بالسعي إليه عباده المؤمنين ، فإنه موعظة الإمام في خطبته ، فيما قيل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) قال : العزمة عند الذكر عند الخطبة .

حدثنا عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : ثنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا منصور رجل من أهل الكوفة ، عن موسى بن أبي كثير ، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) فهي موعظة الإمام فإذا قضيت الصلاة بعد .

وقوله : ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) يقول : سعيكم إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة إلى ذكر الله وترك البيع خير لكم من البيع والشراء في ذلك الوقت ، إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم ومضارها .

واختلفت القراء في قراءة قوله : ( من يوم الجمعة ) فقرأت ذلك عامة قراء الأمصار : ( الجمعة ) بضم الميم والجيم ، خلا الأعمش فإنه قرأها بإسكان الميم .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية