1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة الطلاق
  4. القول في تأويل قوله تعالى "وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا ( 8 ) فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا ( 9 ) )

يقول تعالى ذكره : ( سيجعل الله ) للمقل من المال المقدور عليه رزقه ( بعد عسر يسرا ) يقول : من بعد شدة رخاء ، ومن بعد ضيق سعة ، ومن بعد فقر غنى .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( سيجعل الله بعد عسر يسرا ) [ ص: 465 ] بعد الشدة الرخاء .

وقوله : ( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله ) يقول تعالى ذكره : وكأين من أهل قرية طغوا عن أمر ربهم وخالفوه ، وعن أمر رسل ربهم ، فتمادوا في طغيانهم وعتوهم ، ولجوا في كفرهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط عن السدي ، في قوله : ( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله ) قال : غيرت وعصت .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا ) قال : العتو هاهنا الكفر والمعصية ، عتوا : كفرا ، وعتت عن أمر ربها : تركته ولم تقبله .

وقيل : إنهم كانوا قوما خالفوا أمر ربهم في الطلاق ، فتوعد الله بالخبر عنهم هذه الأمة أن يفعل بهم فعله بهم إن خالفوا أمره في ذلك .

ذكر من قال ذلك :

حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سمعت عمر بن سليمان يقول في قوله : ( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله ) قال : قرية عذبت في الطلاق .

وقوله : ( فحاسبناها حسابا شديدا ) يقول : فحاسبناها على نعمتنا عندها وشكرها حسابا شديدا ، يقول : حسابا استقصينا فيه عليهم ، لم نعف لهم فيه عن شيء ، ولم نتجاوز فيه عنهم .

كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قوله : [ ص: 466 ] ( فحاسبناها حسابا شديدا ) قال : لم نعف عنها ، الحساب الشديد : الذي ليس فيه من العفو شيء .

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( فحاسبناها حسابا شديدا ) يقول : لم نرحم .

وقوله : ( وعذبناها عذابا نكرا ) يقول : وعذبناها عذابا عظيما منكرا ، وذلك عذاب جهنم .

وقوله : ( فذاقت وبال أمرها ) يقول : فذاقت هذه القرية التي عتت عن أمر ربها ورسله ، عاقبة ما عملت وأتت من معاصي الله والكفر به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله : ( فذاقت وبال أمرها ) قال : عقوبة أمرها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فذاقت وبال أمرها ) قال : ذاقت عاقبة ما عملت من الشر ، الوبال : العاقبة .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فذاقت وبال أمرها ) يقول : عاقبة أمرها .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( فذاقت وبال أمرها ) قال : جزاء أمرها .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( فذاقت وبال أمرها ) يعني بوبال أمرها : جزاء أمرها الذي قد حل .

وقوله : ( وكان عاقبة أمرها خسرا ) يقول تعالى ذكره : وكان الذي أعقب [ ص: 467 ] أمرهم ، وذلك كفرهم بالله وعصيانهم إياه خسرا ، يعني غبنا ، لأنهم باعوا نعيم الآخرة بخسيس من الدنيا قليل ، وآثروا اتباع أهواءهم على اتباع أمر الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية