صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( مناع للخير معتد أثيم ) عتل بعد ذلك زنيم )

وقوله : ( مناع للخير ) . يقول تعالى ذكره : بخيل بالمال ضنين به عن الحقوق .

وقوله : ( معتد ) يقول : معتد على الناس ( أثيم ) : ذي إثم بربه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : ( معتد ) في عمله ( أثيم ) بربه .

وقوله : ( عتل ) يقول : وهو عتل ، والعتل : الجافي الشديد في كفره ، وكل شديد قوي فالعرب تسميه عتلا; ومنه قول ذي الإصبع العدواني :


والدهر يغدو معتلا جذعا



وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( عتل ) العتل : العاتل الشديد المنافق . [ ص: 536 ]

حدثني إسحاق بن وهب الواسطي ، قال : ثنا أبو عامر العقدي ، قال : ثنا زهير بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن وهب الذماري ، قال : تبكي السماء والأرض من رجل أتم الله خلقه ، وأرحب جوفه ، وأعطاه مقضما من الدنيا ، ثم يكون ظلوما للناس ، فذلك العتل الزنيم .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن أبي الزبير ، عن عبيد بن عمير ، قال : العتل : الأكول الشروب القوي الشديد ، يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة ، يدفع الملك من أولئك سبعين ألفا دفعة في جهنم .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، في قوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : العتل : الشديد .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي رزين ، في قوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : العتل : الصحيح .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن كثير بن الحارث ، عن القاسم ، مولى معاوية قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العتل الزنيم ، قال : " الفاحش اللئيم " .

قال معاوية ، وثني عياض بن عبد الله الفهري ، عن موسى بن عقبة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : فاحش الخلق ، لئيم الضريبة .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال الحسن وقتادة : هو الفاحش اللئيم الضريبة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : ( عتل ) قال : هو الفاحش اللئيم الضريبة .

قال ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن زيد بن أسلم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه ، وأرحب جوفه ، وأعطاه من الدنيا مقضما فكان للناس ظلوما ، فذلك العتل الزنيم " . [ ص: 537 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، قال : العتل : الصحيح الشديد .

حدثني جعفر بن محمد البزوري ، قال : ثنا أبو زكريا ، وهو يحيى بن مصعب ، عن عمر بن نافع ، قال : سئل عكرمة ، عن ( عتل بعد ذلك زنيم ) فقال : ذلك الكافر اللئيم .

حدثني علي بن الحسن الأزدي ، قال : ثنا يحيى ، يعني : ابن يمان ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن في قوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : الفاحش اللئيم الضريبة .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا معاذ بن هشام ، قال : ثني أبي ، عن قتادة ، قال : العتل الزنيم : الفاحش اللئيم الضريبة .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( عتل ) قال : شديد الأشر .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول : ( عتل ) قال : العتل : الشديد ( بعد ذلك زنيم ) ومعنى "بعد" في هذا الموضع معنى "مع" وتأويل الكلام : ( عتل بعد ذلك زنيم ) : أي مع العتل زنيم .

وقوله : ( زنيم ) والزنيم في كلام العرب : الملصق بالقوم وليس منهم; ومنه قول حسان بن ثابت :


وأنت زنيم نيط في آل هاشم     كما نيط خلف الراكب القدح الفرد



وقال آخر :


زنيم ليس يعرف من أبوه     بغي الأم ذو حسب لئيم



وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 538 ]

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثنى عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( زنيم ) قال : والزنيم : الدعي ، ويقال : الزنيم : رجل كانت به زنمة يعرف بها ، ويقال : هو الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة . وزعم ناس من بني زهرة أن الزنيم هو : الأسود بن عبد يغوث الزهري ، وليس به .

حدثنا أبو كريب ، قال : أخبرنا ابن إدريس ، قال : ثنا هشام ، عن عكرمة ، قال : هو الدعي .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سمعه يقول في هذه الآية : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال سعيد : هو الملصق بالقوم ليس منهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الحسن ، عن سعيد بن جبير ، قال : الزنيم الذي يعرف بالشر ، كما تعرف الشاة بزنمتها; الملصق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، وقال آخرون : هو الذي له زنمة كزنمة الشاة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الأعلى ، ثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال في الزنيم قال : نعت ، فلم يعرف حتى قيل زنيم . قال : وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها .

وقال آخرون : كان دعيا .

حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال ثنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : ( بعد ذلك زنيم ) قال : نزل على النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم ) قال : فلم نعرفه حتى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم ( بعد ذلك زنيم ) قال : فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن أصحاب التفسير ، قالوا : هو [ ص: 539 ] الذي يكون له زنمة كزنمة الشاة .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( زنيم ) : يقول : كانت له زنمة في أصل أذنه ، يقال : هو اللئيم الملصق في النسب .

وقال آخرون : هو المريب

ذكر من قال ذلك :

حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : ثنا إسحاق ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : زنيم : المريب الذي يعرف بالشر .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الحسن بن مسلم ، عن سعيد بن جبير قال : الزنيم : الذي يعرف بالشر .

وقال آخرون : هو الظلوم .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( زنيم ) قال : ظلوم .

وقال آخرون : هو الذي يعرف بأبنة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال في الزنيم : الذي يعرف بأبنة ، قال أبو إسحاق : وسمعت الناس في إمرة زياد يقولون : العتل : الدعي .

وقال آخرون : هو الجلف الجافي .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثني عبد الأعلى ، قال : ثنا داود بن أبي هند ، قال : سمعت شهر بن حوشب يقول : هو الجلف الجافي ، الأكول الشروب من الحرام .

وقال آخرون : هو علامة الكفر . [ ص: 540 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، قال : الزنيم : علامة الكفر .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، قال : الزنيم : علامة الكافر .

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، أنه كان يقول : الزنيم يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة .

وقال آخرون : هو الذي يعرف باللؤم .

ذكر من قال ذلك

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، قال : الزنيم : الذي يعرف باللؤم ، كما تعرف الشاة بزنمتها .

وقال آخرون : هو الفاجر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي رزين ، في قوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : الزنيم : الفاجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية