صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ( 17 ) ولا يستثنون ( 18 ) )

يعني تعالى ذكره بقوله : ( إنا بلوناهم ) : أي بلونا مشركي قريش ، يقول : امتحناهم فاختبرناهم ، ( كما بلونا أصحاب الجنة ) يقول : كما امتحنا أصحاب البستان ( إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ) يقول : إذ حلفوا ليصرمن ثمرها إذا أصبحوا . ( ولا يستثنون ) : ولا يقولون إن شاء الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا هناد بن السري ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في [ ص: 543 ] قوله : ( لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين ) قال : هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة كان يطعم المساكين منها ، فلما مات أبوهم ، قال بنوه : والله إن كان أبونا لأحمق حين يطعم المساكين ، فأقسموا ليصرمنها مصبحين ، ولا يستثنون ، ولا يطعمون مسكينا .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( ليصرمنها مصبحين ) قال : كانت الجنة لشيخ ، وكان يتصدق ، فكان بنوه ينهونه عن الصدقة ، وكان يمسك قوت سنته ، وينفق ويتصدق بالفضل; فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا : ( لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين ) .

وذكر أن أصحاب الجنة كانوا أهل كتاب .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ) . . . الآية ، قال : كانوا من أهل الكتاب ، والصرم : القطع ، وإنما عنى بقوله : ( ليصرمنها ) ليجدن ثمرتها; ومنه قول امرئ القيس :


صرمتك بعد تواصل دعد وبدا لدعد بعض ما يبدو



التالي السابق


الخدمات العلمية