صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ( 42 ) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ( 43 ) )

يقول تعالى ذكره ( يوم يكشف عن ساق ) قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل : يبدو عن أمر شديد .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( يوم يكشف عن ساق ) قال : هو يوم حرب وشدة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، عن ابن عباس ( يوم يكشف عن ساق ) قال : عن أمر عظيم ، كقول الشاعر :


وقامت الحرب بنا على ساق



حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ( يوم يكشف عن ساق ) ولا يبقى مؤمن إلا سجد ، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظما واحدا .

وكان ابن عباس يقول : يكشف عن أمر عظيم ، ألا تسمع العرب تقول :


وقامت الحرب بنا على ساق

[ ص: 555 ]

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) يقول : حين يكشف الأمر ، وتبدو الأعمال ، وكشفه : دخول الآخرة وكشف الأمر عنه .

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن ابن عباس ، قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .

حدثني محمد بن عبيد المحاربي وابن حميد ، قالا ثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : شدة الأمر وجده; قال ابن عباس : هي أشد ساعة في يوم القيامة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : شدة الأمر ، قال ابن عباس : هي أول ساعة تكون في يوم القيامة . غير أن في حديث الحارث قال : وقال ابن عباس : هي أشد ساعة تكون في يوم القيامة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران عن سفيان ، عن عاصم بن كليب ، عن سعيد بن جبير ، قال : عن شدة الأمر .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : عن أمر فظيع جليل .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : يوم يكشف عن شدة الأمر .

حدثنا عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) وكان ابن عباس يقول : كان أهل الجاهلية يقولون : شمرت الحرب عن ساق ، يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنيا

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : ثنا أبو الزهراء ، عن عبد الله ، قال : "يتمثل الله للخلق يوم القيامة حتى يمر المسلمون ، قال : فيقول : من تعبدون؟ فيقولون : نعبد الله لا نشرك به شيئا ، فينتهرهم مرتين أو ثلاثا ، فيقول : هل تعرفون ربكم؟ فيقولون : سبحانه إذا [ ص: 556 ] اعترف إلينا عرفناه ، قال : فعند ذلك يكشف عن ساق ، فلا يبقى مؤمن إلا خر لله ساجدا ، ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد ، كأنما فيها السفافيد ، فيقولون : ربنا ، فيقول : قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون .

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا شريك ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : "ينادي مناد يوم القيامة : أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم ، ثم صوركم ، ثم رزقكم ، ثم توليتم غيره أن يولي كل عبد منكم ما تولى ، فيقولون : بلى ، قال : فيمثل لكل قوم آلهتهم التي كانوا يعبدونها ، فيتبعونها حتى توردهم النار ، ويبقى أهل الدعوة ، فيقول بعضهم لبعض : ماذا تنتظرون؟ ذهب الناس ، فيقولون : ننتظر أن ينادى بنا ، فيجيء إليهم في صورة ، قال : فذكر منها ما شاء الله ، فيكشف عما شاء الله أن يكشف ، قال : فيخرون سجدا إلا المنافقين ، فإنه يصير فقار أصلابهم عظما واحدا مثل صياصي البقر ، فيقال لهم : ارفعوا رءوسكم إلى نوركم" ثم ذكر قصة فيها طول .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر ، قال : ثنا الأعمش ، عن المنهال عن قيس بن سكن ، قال : حدث عبد الله وهو عند عمر ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) قال : "إذا كان يوم القيامة قال : يقوم الناس بين يدي رب العالمين أربعين عاما ، شاخصة أبصارهم إلى السماء ، حفاة عراة ، يلجمهم العرق ، ولا يكلمهم بشر أربعين عاما ، ثم ينادي مناد : يا أيها الناس أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم ، ثم عبدتم غيره ، أن يولي كل قوم ما تولوا؟ قالوا : نعم؟ قال : فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله; قال : ويمثل لكل قوم - يعني آلهتهم - فيتبعونها حتى تقذفهم في النار ، فيبقى المسلمون والمنافقون ، فيقال : ألا تذهبون فقد ذهب الناس؟ فيقولون : حتى يأتينا ربنا ، قال : وتعرفونه؟ فقالوا : إن اعترف لنا ، قال : فيتجلى ، فيخر من كان يعبده ساجدا ، قال : ويبقى المنافقون لا يستطيعون ، كأن في ظهورهم السفافيد . قال : فيذهب بهم فيساقون إلى النار ، فيقذف بهم ، ويدخل هؤلاء الجنة ، قال : فيستقبلون في الجنة بما يستقبلون به من الثواب والأزواج والحور العين ، لكل رجل منهم في الجنة كذا وكذا ، بين كل جنة كذا وكذا ، بين أدناها وأقصاها ألف سنة ، هو يرى أقصاها كما يرى أدناها; قال : ويستقبله رجل حسن الهيئة ، إذا نظر إليه مقبلا حسب [ ص: 557 ] أنه ربه ، فيقول له : لا تفعل ، إنما أنا عبدك وقهرمانك على ألف قرية ، قال : يقول عمر : يا كعب ألا تسمع ما يحدث به عبد الله؟ .

حدثنا ابن جبلة ، قال : ثنا يحيى بن حماد ، قال : ثنا أبو عوانة ، قال : ثنا سليمان الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة وقيس بن سكن ، قالا : قال عبد الله وهو يحدث عمر ، قال : وجعل عمر يقول : ويحك يا كعب ، ألا تسمع ما يقول عبد الله؟ "إذا حشر الناس على أرجلهم أربعين عاما ، شاخصة أبصارهم إلى السماء ، لا يكلمهم بشر ، والشمس على رءوسهم حتى يلجمهم العرق ، كل بر منهم وفاجر ، ثم ينادي مناد من السماء : يا أيها الناس ، أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوركم ، ثم توليتم غيره ، أن يولي كل رجل منكم ما تولى؟ فيقولون : بلى; ثم ينادي مناد من السماء : يا أيها الناس ، فلتنطلق كل أمة إلى ما كانت تعبد ، قال : ويبسط لهم السراب ، قال : فيمثل لهم ما كانوا يعبدون ، قال : فينطلقون حتى يلجوا النار ، فيقال للمسلمين : ما يحبسكم؟ فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فيقال لهم : هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون : إن اعترف لنا عرفناه .

قال وثني أبو صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " . . . حتى إن أحدهم ليلتف فيكشف عن ساق ، فيقعون سجودا ، قال : وتدمج أصلاب المنافقين حتى تكون عظما واحدا ، كأنها صياصي البقر ، قال : فيقال لهم : ارفعوا رءوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم; قال : فترفع طائفة منهم رءوسهم إلى مثل الجبال من النور ، فيمرون على الصراط كطرف العين ، ثم ترفع أخرى رءوسهم إلى أمثال القصور ، فيمرون على الصراط كمر الريح ، ثم يرفع آخرون بين أيديهم أمثال البيوت ، فيمرون كمر الخيل; ثم يرفع آخرون إلى نور دون ذلك ، فيشدون شدا; وآخرون دون ذلك يمشون مشيا ، حتى يبقى آخر الناس رجل على أنملة رجله مثل السراج ، فيخر مرة ، ويستقيم أخرى ، وتصيبه النار فتشعث منه حتى يخرج ، فيقول : ما أعطي أحد ما أعطيت ، ولا يدري مما نجا ، غير أني وجدت مسها ، وإني وجدت حرها" وذكر حديثا فيه طول اختصرت هذا منه .

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا جعفر بن عون ، قال : ثنا هشام بن سعد ، قال : ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، [ ص: 558 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ألا لتلحق كل أمة بما كانت تعبد ، فلا يبقى أحد كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار ، ويبقى من كان يعبد الله وحده من بر وفاجر ، وغبرات أهل الكتاب ثم تعرض جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا ، ثم تدعى اليهود ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون؟ فيقولون : عزيرا ابن الله ، فيقول : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تريدون؟ فيقولون : أي ربنا ، ظمئنا ، فيقول : أفلا تردون ، فيذهبون حتى يتساقطوا في النار ، ثم تدعى النصارى ، فيقال : ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون : المسيح ابن الله ، فيقول : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تريدون؟ فيقولون : أي ربنا ظمئنا ، اسقنا ، فيقول : أفلا تردون ، فيذهبون فيتساقطون في النار ، فيبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر قال : ثم يتبدى الله لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أول مرة ، فيقول : أيها الناس لحقت كل أمة بما كانت تعبد ، وبقيتم أنتم ، فلا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء ، فيقولون : فارقنا الناس في الدنيا ، ونحن كنا إلى صحبتهم فيها أحوج ، لحقت كل أمة بما كانت تعبد ، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، فيقول : هل بينكم وبين الله آية تعرفونه بها؟ فيقولون : نعم ، فيكشف عن ساق ، فيخرون سجدا أجمعون ، ولا يبقى أحد كان سجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقا ، إلا صار ظهره طبقا واحدا ، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه; قال : ثم يرجع يرفع برنا ومسيئنا ، وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعم أنت ربنا ، ثلاث مرات " .

حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثني أبي وسعيد بن الليث ، عن الليث ، قال : ثنا خالد بن يزيد ، عن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينادي مناديه فيقول : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبرات أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها [ ص: 559 ] سراب" ثم ذكر نحوه ، غير أنه قال" فإنا ننتظر ربنا ، فقال : إن كان قاله ، فيأتيهم الجبار " ، ثم حدثنا الحديث نحو حديث المسروقي .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبد الرحمن المحاربي ، عن إسماعيل بن رافع المدني ، عن يزيد بن أبي زياد عن رجل من الأنصار ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يأخذ الله للمظلوم من الظالم ، حتى إذا لم يبق تبعة لأحد عند أحد جعل الله ملكا من الملائكة على صورة عزير ، فتتبعه اليهود ، وجعل الله ملكا من الملائكة على صورة عيسى فتتبعه النصارى ، ثم نادى مناد أسمع الخلائق كلهم ، فقال : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله ، فلا يبقى أحد كان يعبد من دون الله شيئا إلا مثل له آلهته بين يديه ، ثم قادتهم إلى النار ، حتى إذا لم يبق إلا المؤمنون فيهم المنافقون ، قال الله جل ثناؤه : أيها الناس ، ذهب الناس ، ذهب الناس ، الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون : والله ما لنا إله إلا الله ، وما كنا نعبد إلها غيره ، وهو الله ثبتهم ، ثم يقول لهم الثانية مثل ذلك : الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون مثل ذلك ، فيقال : هل بينكم وبين ربكم من آية تعرفونها؟ فيقولون : نعم ، فيتجلى لهم من عظمته ما يعرفونه أنه ربهم ، فيخرون له سجدا على وجوههم ، ويقع كل منافق على قفاه ، ويجعل الله أصلابهم كصياصي البقر " .

وحدثني أبو زيد عمر بن شبة ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، قال : ثنا أبو سعيد روح بن جناح ، عن مولى لعمر بن عبد العزيز ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : "عن نور عظيم ، يخرون له سجدا " .

حدثني جعفر بن محمد البزوري ، قال : ثنا عبيد الله ، عن أبي جعفر ، عن الربيع في قول الله : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : يكشف عن الغطاء ، قال : ويدعون إلى السجود وهم سالمون .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، في قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : هو يوم كرب وشدة . وذكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك : ( يوم تكشف عن ساق ) بمعنى : يوم تكشف القيامة عن شدة شديدة ، والعرب تقول : كشف هذا الأمر عن ساق : إذا صار إلى شدة; ومنه قول الشاعر : [ ص: 560 ]


كشفت لهم عن ساقها     وبدا من الشر الصراح



وقوله : ( ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) يقول : ويدعوهم الكشف عن الساق إلى السجود لله تعالى فلا يطيقون ذلك .

وقوله : ( خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ) يقول : تغشاهم ذلة من عذاب الله .

( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) يقول : وقد كانوا في الدنيا يدعونهم إلى السجود له وهم سالمون ، لا يمنعهم من ذلك مانع ، ولا يحول بينه وبينهم حائل . وقد قيل : السجود في هذا الموضع : الصلاة المكتوبة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم التيمي ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) قال : إلى الصلاة المكتوبة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي سنان ، عن سعيد بن جبير ( وقد كانوا يدعون إلى السجود ) قال : يسمع المنادي إلى الصلاة المكتوبة فلا يجيبه .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن إبراهيم التيمي : ( وقد كانوا يدعون إلى السجود ) قال : الصلاة المكتوبة .

وبنحو الذي قلنا في قوله : ( ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) . . . الآية ، قال أهل التأويل

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) قال : هم الكفار ، كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون ، فاليوم يدعوهم وهم خائفون ، ثم أخبر الله سبحانه أنه حال بين [ ص: 561 ] أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة ، فأما في الدنيا فإنه قال : ( ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) وأما في الآخرة فإنه قال : فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) ذلكم والله يوم القيامة . ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السجود ، فيسجد المؤمنون ، وبين كل مؤمنين منافق ، فيقسو ظهر المنافق عن السجود ، ويجعل الله سجود المؤمنين عليهم توبيخا وذلا وصغارا ، وندامة وحسرة " .

وقوله : ( وقد كانوا يدعون إلى السجود ) أي في الدنيا ( وهم سالمون ) أي في الدنيا .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : بلغني أنه يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السجود ، بين كل مؤمنين منافق ، يسجد المؤمنون ، ولا يستطيع المنافق أن يسجد; وأحسبه قال : تقسو ظهورهم ، ويكون سجود المؤمنين توبيخا عليهم ، قال : ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية