صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون ( 40 ) على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين ( 41 ) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون [ ص: 622 ] ( 42 ) )

يقول تعالى ذكره : فلا أقسم برب مشارق الأرض ومغاربها ، ( إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم ) يقول : إنا لقادرون على أن نهلكهم ، ونأتي بخير منهم من الخلق يطيعونني ولا يعصونني ، ( وما نحن بمسبوقين ) يقول تعالى ذكره : وما يفوتنا منهم أحد بأمر نريده منه ، فيعجزنا هربا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا عمارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس : إن الشمس تطلع كل سنة في ثلاث مائة وستين كوة ، تطلع كل يوم في كوة ، لا ترجع إلى تلك الكوة إلى ذلك اليوم من العام المقبل ، ولا تطلع إلا وهي كارهة ، تقول : رب لا تطلعني على عبادك ، فإني أراهم يعصونك ، يعملون بمعاصيك أراهم ، قال أولم تسمعوا إلى قول أمية بن أبي الصلت :


حتى تجر وتجلد



قلت : يا مولاه ، وتجلد الشمس ؟ فقال : عضضت بهن أبيك ، إنما اضطره الروي إلى الجلد .

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثني ابن عمارة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في [ ص: 623 ] قول الله : ( برب المشارق والمغارب ) قال : إن الشمس تطلع من ثلاث مائة وستين مطلعا ، تطلع كل يوم من مطلع لا تعود فيه إلى قابل ، ولا تطلع إلا وهي كارهة ، قال عكرمة : فقلت له : قد قال الشاعر :


حتى تجر وتجلد



قال : فقال ابن عباس : عضضت بهن أبيك ، إنما اضطره الروي .

حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر ، قال : أخبرنا شعبة ، قال : أخبرنا عمارة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : إن الشمس تطلع في ثلاث مائة وستين كوة ، فإذا طلعت في كوة لم تطلع منها حتى العام المقبل ، ولا تطلع إلا وهي كارهة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب ) قال : هو مطلع الشمس ومغربها ، ومطلع القمر ومغربه .

وقوله : ( فذرهم يخوضوا ويلعبوا ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فذر هؤلاء المشركين المهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين ، يخوضوا في باطلهم ، ويلعبوا في هذه الدنيا ، ( حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ) يقول : حتى يلاقوا عذاب يوم القيامة الذي يوعدونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية