صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( 12 ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( 13 ) ) .

يقول تعالى ذكره : وأثابهم الله بما صبروا في الدنيا على طاعته ، والعمل بما يرضيه عنهم جنة وحريرا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) يقول : وجزاهم بما صبروا على طاعة الله ، وصبروا عن معصيته ومحارمه ، جنة وحريرا .

وقوله : ( متكئين فيها على الأرائك ) يقول : متكئين في الجنة على السرر في [ ص: 102 ] الحجال ، وهي الأرائك واحدتها أريكة . وقد بينا ذلك بشواهده ، وما فيه من أقوال أهل التأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته ، غير أنا نذكر في هذا الموضع من الرواية بعض ما لم نذكره إن شاء الله تعالى قبل .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( متكئين فيها على الأرائك ) يعني : الحجال .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( متكئين فيها على الأرائك ) كنا نحدث أنها الحجال فيها الأسرة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الحصين ، عن مجاهد ( متكئين فيها على الأرائك ) قال : السرر في الحجال . ونصب ( متكئين ) فيها على الحال من الهاء والميم .

وقوله ( لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) يقول تعالى ذكره : لا يرون فيها شمسا فيؤذيهم حرها ، ولا زمهريرا ، وهو البرد الشديد ، فيؤذيهم بردها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا زياد بن عبد الله الحساني ، قال : ثنا مالك بن سعير ، قال : ثنا الأعمش ، عن مجاهد ، قال : الزمهرير : البرد المفظع .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله : ( لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) يعلم أن شدة الحر تؤذي ، وشدة القر تؤذي ، فوقاهم الله أذاهما .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن السدي ، عن مرة بن عبد الله قال في الزمهرير : أنه لون من العذاب ، قال الله : ( لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ) .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " اشتكت النار إلى ربها ، فقالت : رب ، أكل بعضي بعضا ، فنفسني ، فأذن لها في كل عام بنفسين; فأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم وأشد ما تجدون من الحر من حر جهنم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية