[ ص: 68 ] القول في البيان عن 
معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=811230أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة  " ، وذكر الأخبار الواردة بذلك 
قال أبو جعفر : اختلفت النقلة في ألفاظ الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
67 - فروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف : زاجر وآمر وحلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وأمثال ، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه ، وافعلوا ما أمرتم به ، وانتهوا عما نهيتم عنه ، واعتبروا بأمثاله ، واعملوا بمحكمه ، وآمنوا بمتشابهه ، وقولوا : آمنا به كل من عند ربنا . 
حدثني بذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ،  قال : أنبأنا 
ابن وهب ،  قال : أخبرني 
حيوة بن شريح ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16581عقيل بن خالد ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16021سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ،  عن أبيه ، عن 
ابن مسعود ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم .  
[ ص: 69 ] وروي عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا غير ذلك : 
68 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ،  قال حدثنا 
عباد بن زكريا ،  عن 
عوف ،  عن 
أبي قلابة ،  قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل . 
69 - وروي عن أبي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ما حدثني به 
أبو كريب ،  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ،  عن 
إسماعيل بن أبي خالد ،  عن 
عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،  عن أبيه ، عن جده ، عن 
أبي بن كعب ،  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=811896قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : اقرأه على حرفين . فقلت : رب خفف عن أمتي . فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة ، كلها شاف كاف . 
وروي عن 
ابن مسعود  من قيله خلاف ذلك كله . 
70 - وهو ما حدثنا به 
أبو كريب ،  قال : حدثنا 
المحاربي ،  عن 
الأحوص بن حكيم ،  عن 
ضمرة بن حبيب ،  عن 
القاسم بن عبد الرحمن ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ،  قال : إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف : حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال . فأحل الحلال ، وحرم الحرام ، واعمل بالمحكم ، وآمن بالمتشابه ، واعتبر بالأمثال .  
[ ص: 70 ] 
وكل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، متقاربة المعاني ، لأن قول القائل : فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر ، وفلان مقيم على وجه من وجوه هذا الأمر ، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر - سواء . ألا ترى أن الله جل ثناؤه وصف قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات ، فأخبر عنهم أنهم عبدوه على حرف فقال : ( 
ومن الناس من يعبد الله على حرف  ) [ سورة الحج : 11 ] ، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك ، لا على اليقين والتسليم لأمره . 
فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810016نزل القرآن من سبعة أبواب  " و " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810017نزل على سبعة أحرف  " سواء ، معناهما مؤتلف ، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه . 
ومعنى ذلك كله ، الخبر منه صلى الله عليه وسلم عما خصه الله به وأمته ، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا في تنزيله . 
وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنما نزل بلسان واحد ، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به ، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله . 
وأنزل كتابنا بألسن سبعة ، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي ، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا ، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها ، فيصير فاعل ذلك حينئذ - إذا أصاب معناه - مترجما له . كما كان التالي  
[ ص: 71 ] لبعض الكتب التي أنزلها الله بلسان واحد - إذا تلاه بغير اللسان الذي نزل به - له مترجما ، لا تاليا على ما أنزله الله به . 
فذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810018كان الكتاب الأول ، نزل على حرف واحد ، ونزل القرآن على سبعة أحرف . 
وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810019إن الكتاب الأول نزل من باب واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب  " ، فإنه صلى الله عليه وسلم عنى بقوله : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810020نزل الكتاب الأول من باب واحد  " ، والله أعلم ، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه ، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام ، كزبور داود ، الذي إنما هو تذكير ومواعظ ، وإنجيل عيسى ، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض - دون غيرها من الأحكام والشرائع - وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا ، الذي خص الله به نبينا 
محمدا  صلى الله عليه وسلم وأمته . فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى ذكره مطلبا ينالون به الجنة ، ويستوجبون به منه القربة ، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم ، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب . 
وخص الله نبينا 
محمدا  صلى الله عليه وسلم وأمته ، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله ، ويدركون بها الفوز بالجنة ، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة التي نزل منها القرآن . لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة ، عامل في باب من أبواب الجنة ، وطالب من قبله الفوز بها . والعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه ، باب من أبواب الجنة ، وترك ما نهى الله عنه فيه; باب آخر ثان من أبوابها; وتحليل ما أحل الله فيه ، باب ثالث من أبوابها; وتحريم ما حرم الله فيه ، باب رابع من أبوابها;  
[ ص: 72 ] والإيمان بمحكمه المبين ، باب خامس من أبوابها; والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه ، باب سادس من أبوابها; والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته ، باب سابع من أبوابها . 
فجميع ما في القرآن - من حروفه السبعة ، وأبوابه السبعة التي نزل منها - جعله الله لعباده إلى رضوانه هاديا ، ولهم إلى الجنة قائدا . فذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810016نزل القرآن من سبعة أبواب الجنة  " . 
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن : " 
إن لكل حرف منه حدا  " ، يعني لكل وجه من أوجهه السبعة حد حده الله جل ثناؤه ، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه . 
وقوله صلى الله عليه وسلم : " 
وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا  " ، فظهره : الظاهر في التلاوة ، وبطنه : ما بطن من تأويله . 
وقوله : " 
وإن لكل حد من ذلك مطلعا  " ، فإنه يعني أن لكل حد من حدود الله التي حدها فيه - من حلال وحرام ، وسائر شرائعه - مقدارا من ثواب الله وعقابه ، يعاينه في الآخرة ، ويطلع عليه ويلاقيه في القيامة . كما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رضي الله عنه : "لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع  " ، يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته .