القول في 
تأويل قوله تعالى : ( إن المتقين في ظلال وعيون  ( 41 ) 
وفواكه مما يشتهون  ( 42 ) 
كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون  ( 43 ) 
إنا كذلك نجزي المحسنين  ( 44 ) 
ويل يومئذ للمكذبين  ( 45 ) ) . 
يقول تعالى ذكره : إن الذين اتقوا عقاب الله بأداء فرائضه في الدنيا ، واجتناب معاصيه ( في ظلال ) ظليلة ، وكن كنين ، لا يصيبهم أذى حر ولا قر ، إذ كان الكافرون بالله في ظل ذي ثلاث شعب ، لا ظليل ولا يغني من اللهب ( وعيون ) أنهار تجري خلال أشجار جناتهم ( 
وفواكه مما يشتهون  ) يأكلون منها كلما اشتهوا لا يخافون ضرها ، ولا عاقبة مكروهها . 
وقوله : ( 
كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون  ) يقول تعالى ذكره : يقال لهم : كلوا أيها القوم من هذه الفواكه ، واشربوا من هذه العيون كلما اشتهيتم هنيئا : يقول : لا تكدير عليكم ، ولا تنغيص فيما تأكلونه وتشربون منه ، ولكنه لكم دائم ، لا يزول ، ومريء لا يورثكم أذى في أبدانكم . 
وقوله : ( 
بما كنتم تعملون  ) يقول جل ثناؤه : يقال لهم : هذا جزاء بما كنتم في الدنيا تعملون من طاعة الله ، وتجتهدون فيما يقربكم منه . 
وقوله : ( 
إنا كذلك نجزي المحسنين  ) يقول : إنا كما جزينا هؤلاء المتقين بما وصفنا من الجزاء على طاعتهم إيانا في الدنيا ، كذلك نجزي ونثيب أهل الإحسان فى طاعتهم إيانا ، وعبادتهم لنا في الدنيا على إحسانهم لا نضيع في الآخرة أجرهم . 
وقوله : ( 
ويل يومئذ للمكذبين  ) يقول : ويل للذين يكذبون خبر الله عما  
[ ص: 144 ] أخبرهم به من تكريمه هؤلاء المتقين بما أكرمهم به يوم القيامة .