صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )

يقول تعالى ذكره : ( فاليوم ) وذلك يوم القيامة ( الذين آمنوا ) بالله في الدنيا ( من الكفار ) فيها ( يضحكون على الأرائك ينظرون ) يقول : على سررهم التي في الحجال [ ص: 304 ] ينظرون إليهم وهم في الجنة ، والكفار في النار يعذبون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ) قال : يعني السرر المرفوعة عليها الحجال . وكان ابن عباس يقول : إن السور الذي بين الجنة والنار يفتح لهم فيه أبواب ، فينظر المؤمنون إلى أهل النار ، والمؤمنون على السرر ينظرون كيف يعذبون ، فيضحكون منهم ، فيكون ذلك مما أقر الله به أعينهم ، كيف ينتقم الله منهم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة‌ ( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ) ذكر لنا أن كعبا كان يقول : إن بين الجنة والنار كوى ، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا ، اطلع من بعض الكوى ، قال الله جل ثناؤه : ( فاطلع فرآه في سواء الجحيم ) أي : في وسط النار ، وذكر لنا أنه رأى جماجم القوم تغلي .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال كعب : إن بين أهل الجنة وبين أهل النار كوى ، لا يشاء رجل من أهل الجنة أن ينظر إلى غيره من أهل النار إلا فعل .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ) كان ابن عباس يقول : السور بين أهل الجنة والنار ، فيفتح لأهل الجنة أبواب ، فينظرون وهم على السرر إلى أهل النار كيف يعذبون ، فيضحكون منهم ، ويكون ذلك مما أقر الله به أعينهم ، كيف ينتقم الله منهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ) قال : يجاء بالكفار حتى ينظروا إلى أهل الجنة في الجنة على سرر ، فحين ينظرون إليهم تغلق دونهم الأبواب ، ويضحك أهل الجنة منهم ، فهو قوله : ( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ) . [ ص: 305 ]

وقوله : ( هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) يقول تعالى ذكره : هل أثيب الكفار وجزوا ثواب ما كانوا في الدنيا يفعلون بالمؤمنين من سخريتهم منهم ، وضحكهم بهم بضحك المؤمنين منهم في الآخرة ، والمؤمنون على الأرائك ينظرون ، وهم في النار يعذبون .

و ( ثوب ) فعل من الثواب والجزاء ، يقال منه : ثوب فلان فلانا على صنيعه ، وأثابه منه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) قال : جزي .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان : ( هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) حين كانوا يسخرون .

آخر تفسير سورة ويل للمطففين .

التالي السابق


الخدمات العلمية