صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فلا أقسم بالشفق ( 16 ) والليل وما وسق ( 17 ) والقمر إذا اتسق ( 18 ) لتركبن طبقا عن طبق ( 19 ) فما لهم لا يؤمنون ( 20 ) وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ( 21 ) ) .

[ ص: 318 ] وهذا قسم أقسم ربنا بالشفق ، والشفق : الحمرة في الأفق من ناحية المغرب من الشمس في قول بعضهم .

واختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : هو الحمرة كما قلنا ، وممن قال ذلك جماعة من أهل العراق .

وقال آخرون : هو النهار .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي ، قال : ثنا محمد بن عبيد ، قال : ثنا العوام بن حوشب ، قال : قلت لمجاهد : الشفق ، قال : لا تقل : الشفق ، إن الشفق من الشمس ، ولكن قل : حمرة الأفق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : الشفق ، قال : النهار كله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( فلا أقسم بالشفق ) قال : النهار .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : الشفق : هو اسم للحمرة والبياض ، وقالوا : هو من الأضداد .

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله أقسم بالنهار مدبرا ، والليل مقبلا . وأما الشفق الذي تحل به صلاة العشاء ، فإنه للحمرة عندنا للعلة التي قد بيناها في كتابنا كتاب الصلاة .

وقوله : ( والليل وما وسق ) يقول : والليل وما جمع مما سكن وهدأ فيه من ذي روح كان يطير ، أو يدب نهارا ، يقال منه : وسقته أسقه وسقا ، ومنه طعام موسوق ، وهو المجموع في غرائر أو وعاء ، ومنه الوسق ، وهو الطعام المجتمع الكثير مما يكال أو يوزن ، يقال : هو ستون صاعا ، وبه جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 319 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( وما وسق ) يقول : وما جمع .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في هذه الآية ( والليل وما وسق ) قال : وما جمع . وقال ابن عباس :


مستوسقات لو يجدن سائقا



حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سأل حفص الحسن عن قوله : ( والليل وما وسق ) قال : وما جمع .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( والليل وما وسق ) قال : وما جمع ، يقول : ما آوى فيه من دابة . [ ص: 320 ]

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( والليل وما وسق ) : وما لف .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( والليل وما وسق ) قال : وما أظلم عليه ، وما أدخل فيه . وقال ابن عباس :


مستوسقات لو يجدن حاديا



حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( والليل وما وسق ) يقول : وما جمع من نجم أو دابة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وما وسق ) قال : وما جمع .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والليل وما وسق ) قال : وما جمع ، مجتمع فيه الأشياء التي يجمعها الله التي تأوي إليه ، وأشياء تكون في الليل لا تكون في النهار ما جمع مما فيه ما يأوي إليه ، فهو مما جمع .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد : ( والليل وما وسق ) يقول : ما لف عليه .

قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( والليل وما وسق ) قال : وما دخل فيه .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي الهيثم ، عن سعيد بن جبير ( والليل وما وسق ) : وما جمع .

قال : ثنا وكيع ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ( وما وسق ) : وما جمع ، ألم تسمع قول الشاعر :


مستوسقات لو يجدن سائقا



حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله : ( والليل وما وسق ) قال : ما حاز إذا جاء الليل .

وقال آخرون : معنى ذلك : وما ساق . [ ص: 321 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : ثنا علي بن الحسن ، قال : ثنا حسين ، قال : سمعت عكرمة وسئل ( والليل وما وسق ) قال : ما ساق من ظلمة ، فإذا كان الليل ، ذهب كل شيء إلى مأواه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسن ، عن عكرمة ( والليل وما وسق ) يقول : ما ساق من ظلمة إذا جاء الليل ساق كل شيء إلى مأواه .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : ( والليل وما وسق ) قال : ما ساق معه من ظلمة إذا أقبل .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( والليل وما وسق ) يعني : وما ساق الليل من شيء جمعه النجوم ، ويقال : والليل وما جمع .

وقوله : ( والقمر إذا اتسق ) يقول : وبالقمر إذا تم واستوى .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( والقمر إذا اتسق ) يقول : إذا استوى .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( والقمر إذا اتسق ) قال : إذا اجتمع واستوى .

حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ( والقمر إذا اتسق ) قال : إذا استوى .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سأل حفص الحسن ، عن قوله : ( والقمر إذا اتسق ) قال : إذا اجتمع ، إذا امتلأ .

حدثني أبو كدينة ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد ، في قوله : ( والقمر إذا اتسق ) قال : لثلاث عشرة .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 322 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

قال ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( إذا اتسق ) قال : إذا استوى .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي الهيثم ، عن سعيد بن جبير ( والقمر إذا اتسق ) : إذا استوى .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( إذا اتسق ) : إذا استدار .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( والقمر إذا اتسق ) : إذا استوى .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والقمر إذا اتسق ) قال : إذا اجتمع فاستوى .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والقمر إذا اتسق ) قال : إذا استوى .

وقوله : ( لتركبن طبقا عن طبق ) اختلفت القراء في قراءته ، فقرأه عمر بن الخطاب وابن مسعود وأصحابه وابن عباس وعامة قراء مكة والكوفة ( لتركبن ) بفتح التاء والباء . واختلف قارئو ذلك كذلك في معناه ، فقال بعضهم : لتركبن يا محمد أنت حالا بعد حال ، وأمرا بعد أمر من الشدائد .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن مجاهد ، أن ابن عباس كان يقرأ : ( لتركبن طبقا عن طبق ) يعني نبيكم صلى الله عليه وسلم حالا بعد حال .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل حدثه ، عن ابن عباس في ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : منزلا بعد منزل . [ ص: 323 ]

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( لتركبن طبقا عن طبق ) يقول : حالا بعد حال .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( لتركبن طبقا عن طبق ) يعني : منزلا بعد منزل ، ويقال : أمرا بعد أمر ، وحالا بعد حال .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، قال : سمعت مجاهدا ، عن ابن عباس ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : حالا بعد حال .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : حالا بعد حال .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سأل حفص الحسن عن قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : منزلا عن منزل ، وحالا بعد حال .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا شريك ، عن موسى بن أبي عائشة ، قال : سألت مرة عن قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : حالا بعد حال .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : حالا بعد حال .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : حالا بعد حال .

قال ثنا وكيع ، عن نصر ، عن عكرمة ، قال : حالا بعد حال .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : لتركبن الأمور حالا بعد حال .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) [ ص: 324 ] يقول : حالا بعد حال ، ومنزلا عن منزل .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( لتركبن طبقا عن طبق ) منزلا بعد منزل ، وحالا بعد حال .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : أمرا بعد أمر .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : أمرا بعد أمر .

وقال آخرون ممن قرأ هذه المقالة ، وقرأ هذه القراءة عني بذلك : لتركبن أنت يا محمد سماء بعد سماء .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الحسن وأبو العالية ( لتركبن ) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ( طبقا عن طبق ) السماوات .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : أنت يا محمد سماء عن سماء .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، قال : سماء بعد سماء .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : سماء فوق سماء .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : لتركبن الآخرة بعد الأولى .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : الآخرة بعد الأولى .

وقال آخرون ممن قرأ هذه القراءة : إنما عني بذلك أنها تتغير ضروبا من التغيير ، وتشقق بالغمام مرة وتحمر أخرى ، فتصير وردة كالدهان ، وتكون أخرى كالمهل . [ ص: 325 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن وهب ، عن مرة ، عن ابن مسعود ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : السماء مرة كالدهان ، ومرة تشقق .

حدثنا ابن المثني ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : سمعت أبا الزرقاء الهمداني ، وليس بأبي الزرقاء الذي يحدث في المسح على الجوربين ، قال : سمعت مرة الهمداني ، قال : سمعت عبد الله يقول في هذه الآية ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : السماء .

حدثني علي بن سعيد الكندي ، قال : ثنا علي بن غراب ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله في قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : هي السماء تغبر وتحمر وتشقق .

حدثنا أبو السائب ، قال : ثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، في قوله : ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : هي السماء تشقق ، ثم تحمر ، ثم تنفطر ; قال : وقال ابن عباس : حالا بعد حال .

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن إبراهيم قال : قرأ عبد الله هذا الحرف ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : السماء حالا بعد حال ، ومنزلة بعد منزلة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ( لتركبن طبقا عن طبق ) قال : هي السماء .

حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي فروة ، عن مرة ، عن ابن مسعود أنه قرأها نصبا ، قال : هي السماء .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، قال : هي السماء تغير لونا بعد لون .

وقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض الكوفيين ( لتركبن ) بالتاء ، وبضم الباء على وجه الخطاب للناس كافة أنهم يركبون أحوال الشدة حالا بعد حال . وقد ذكر بعضهم أنه قرأ ذلك بالياء وبضم الباء ، على وجه الخبر عن الناس كافة ، أنهم يفعلون ذلك .

وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب : قراءة من قرأ بالتاء وبفتح الباء ؛ [ ص: 326 ] لأن تأويل أهل التأويل من جميعهم بذلك ورد ، وإن كان للقراءات الأخر وجوه مفهومة . وإذا كان الصواب من القراءة في ذلك ما ذكرنا فالصواب من التأويل قول من قال ( لتركبن ) أنت يا محمد حالا بعد حال ، وأمرا بعد أمر من الشدائد . والمراد بذلك - وإن كان الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم موجها - جميع الناس ، أنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالا .

وإنما قلنا : عني بذلك ما ذكرنا أن الكلام قبل قوله ( لتركبن طبقا عن طبق ) جرى بخطاب الجميع ، وكذلك بعده ، فكان أشبه أن يكون ذلك نظير ما قبله وما بعده .

وقوله : ( طبقا عن طبق ) من قول العرب : وقع فلان في بنات طبق : إذا وقع في أمر شديد .

وقوله : ( فما لهم لا يؤمنون ) يقول تعالى ذكره : فما لهؤلاء المشركين لا يصدقون بتوحيد الله ، ولا يقرون بالبعث بعد الموت ، وقد أقسم لهم ربهم بأنهم راكبون طبقا عن طبق مع ما قد عاينوا من حججه بحقيقة توحيده .

وقد حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فما لهم لا يؤمنون ) قال : بهذا الحديث ، وبهذا الأمر .

وقوله : ( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) يقول تعالى ذكره : وإذا قرئ عليهم كتاب ربهم لا يخضعون ولا يستكينون ، وقد بينا معنى السجود قبل بشواهده ، فأغنى ذلك عن إعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية