صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( والسماء ذات الرجع ( 11 ) والأرض ذات الصدع ( 12 ) إنه لقول فصل ( 13 ) وما هو بالهزل ( 14 ) إنهم يكيدون كيدا ( 15 ) وأكيد كيدا ( 16 ) فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ( 17 ) ) .

يقول تعالى ذكره : ( والسماء ذات الرجع ) ترجع بالغيوم وأرزاق العباد كل عام ; ومنه قول المتنخل في صفة سيف :


أبيض كالرجع رسوب إذا ما ثاخ في محتفل يختلي

[ ص: 360 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( والسماء ذات الرجع ) قال : السحاب فيه المطر .

حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( والسماء ذات الرجع ) قال : ذات السحاب فيه المطر .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( والسماء ذات الرجع ) يعني بالرجع : القطر والرزق كل عام .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( والسماء ذات الرجع ) قال : ترجع بأرزاق الناس كل عام; قال أبو رجاء : سئل عنها عكرمة ، فقال : رجعت بالمطر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ذات الرجع ) قال : السحاب يمطر ، ثم يرجع بالمطر .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( والسماء ذات الرجع ) قال : ترجع بأرزاق العباد كل عام ، لولا ذلك هلكوا ، وهلكت مواشيهم . [ ص: 361 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : ( والسماء ذات الرجع ) قال : ترجع بالغيث كل عام .

حدثت عن الحسين : قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والسماء ذات الرجع ) يعني : المطر .

وقال آخرون : يعني بذلك : أن شمسها وقمرها يغيب ويطلع .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والسماء ذات الرجع ) قال : شمسها وقمرها ونجومها يأتين من هاهنا .

وقوله : ( والأرض ذات الصدع ) يقول تعالى ذكره : والأرض ذات الصدع بالنبات .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( والأرض ذات الصدع ) قال : ذات النبات .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( والأرض ذات الصدع ) يقول : صدعها إخراج النبات في كل عام .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ( والأرض ذات الصدع ) قال : هذه تصدع عما تحتها; قال أبو رجاء : وسئل عنها عكرمة ، فقال : هذه تصدع عن الرزق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، عن ابن أبي نجيح ، قال مجاهد : ( والأرض ذات الصدع ) مثل المأزم مأزم منى .

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( والأرض ذات الصدع ) قال : الصدع : مثل المأزم ، غير الأودية وغير الجرف . [ ص: 362 ]

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( والأرض ذات الصدع ) تصدع عن الثمار وعن النبات كما رأيتم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( والأرض ذات الصدع ) قال : تصدع عن النبات .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والأرض ذات الصدع ) وقرأ : ( ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا ) إلى آخر الآية ، قال : صدعها للحرث .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والأرض ذات الصدع ) : النبات .

وقوله : ( إنه لقول فصل ) يقول تعالى ذكره : إن هذا القول وهذا الخبر لقول فصل : يقول : لقول يفصل بين الحق والباطل ببيانه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عنه ، فقال بعضهم : لقول حق . وقال بعضهم : لقول حكم .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( إنه لقول فصل ) يقول : حق .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( إنه لقول فصل ) ؛ أي : حكم .

وقوله : ( وما هو بالهزل ) يقول : وما هو باللعب ولا الباطل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( وما هو بالهزل ) يقول : بالباطل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وما هو بالهزل ) قال : باللعب . [ ص: 363 ]

وقوله : ( إنهم يكيدون كيدا ) يقول تعالى ذكره : إن هؤلاء المكذبين بالله ورسوله والوعد والوعيد يمكرون مكرا .

وقوله : ( وأكيد كيدا ) يقول : وأمكر مكرا; ومكره جل ثناؤه بهم : إملاؤه إياهم على معصيتهم وكفرهم به .

وقوله : ( فمهل الكافرين ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فمهل يا محمد الكافرين ولا تعجل عليهم ( أمهلهم رويدا ) يقول : أمهلهم آنا قليلا وأنظرهم للموعد الذي هو وقت حلول النقمة بهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( أمهلهم رويدا ) يقول : قريبا .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أمهلهم رويدا ) الرويد : القليل .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) قال : مهلهم ، فلا تعجل عليهم تركهم ، حتى لما أراد الانتصار منهم أمره بجهادهم وقتالهم ، والغلظة عليهم .

آخر تفسير سورة والسماء والطارق .

التالي السابق


الخدمات العلمية