[ ص: 427 ]  [ ص: 428 ]  [ ص: 429 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في تأويل قوله تعالى جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( 
لا أقسم بهذا البلد  ( 1 ) 
وأنت حل بهذا البلد  ( 2 ) 
ووالد وما ولد  ( 3 ) 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ( 4 ) 
أيحسب أن لن يقدر عليه أحد  ( 5 ) 
يقول أهلكت مالا لبدا  ( 6 ) 
أيحسب أن لم يره أحد  ( 7 ) ) . 
يقول تعالى ذكره : أقسم يا 
محمد  بهذا 
البلد الحرام ،  وهو 
مكة ،  وكذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس ،  في قوله : ( 
لا أقسم بهذا البلد  ) يعني : 
مكة   . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
لا أقسم بهذا البلد  ) قال : 
مكة   . 
حدثنا 
ابن بشار ،  قال : ثنا 
عبد الرحمن ،  قال : ثنا 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
لا أقسم بهذا البلد  ) قال : الحرام . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
لا أقسم بهذا البلد  ) قال : 
مكة   . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا 
محمد بن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة   ( 
لا أقسم بهذا البلد  ) قال : البلد 
مكة   . 
حدثنا 
سوار بن عبد الله ،  قال : ثنا 
يحيى بن سعيد ،  عن 
عبد الملك ،  عن  
[ ص: 430 ] عطاء ،  في قوله : ( 
لا أقسم بهذا البلد  ) يعني 
مكة   . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قول الله : ( 
لا أقسم بهذا البلد  ) قال : 
مكة   . 
وقوله : ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) يعني : 
بمكة ;  يقول جل ثناؤه لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم : وأنت يا 
محمد  حل بهذا البلد ، يعني 
بمكة ;  يقول : أنت به حلال تصنع فيه من قتل من أردت قتله ، وأسر من أردت أسره ، مطلق ذلك لك ; يقال منه : هو حل ، وهو حلال ، وهو حرم ، وهو حرام ، وهو محل ، وهو محرم ، وأحللنا ، وأحرمنا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) يعني بذلك : نبي الله صلى الله عليه وسلم ، أحل الله له يوم دخل 
مكة  أن يقتل من شاء ، ويستحيي من شاء ; فقتل يومئذ 
ابن خطل صبرا  وهو آخذ بأستار الكعبة ، فلم تحل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فيها حراما حرمه الله ، فأحل الله له ما صنع 
بأهل مكة ،  ألم تسمع أن الله قال في تحريم الحرم : ( 
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا  ) يعني بالناس أهل القبلة . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : ما صنعت فأنت في حل من أمر القتال  . 
حدثنا 
ابن بشار ،  قال : ثنا 
عبد الرحمن ،  قال : ثنا 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : أحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع فيه ساعة . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
جرير ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : أحل له أن يصنع فيه ما شاء . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : أحلت للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال : اصنع فيها ما شئت .  
[ ص: 431 ] 
حدثني 
موسى بن عبد الرحمن ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين الجعفي ،  عن 
زائدة ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد ،  في قول الله ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : أنت حل مما صنعت فيه  . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
حكام ،  عن 
عمرو ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : أحل الله لك يا 
محمد  ما صنعت في هذا البلد من شيء ، يعني 
مكة   . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى;  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : لا تؤاخذ بما عملت فيه ، وليس عليك فيه ما على الناس . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) يقول : بريء عن الحرج والإثم . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) يقول : أنت به حل لست بآثم . 
حدثنا 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله : ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : لم يكن بها أحد حلا غير النبي صلى الله عليه وسلم ، كل من كان بها حراما ، لم يحل لهم أن يقاتلوا فيها ، ولا يستحلوا حرمه ، فأحله الله لرسوله ، فقاتل المشركين فيه  . 
حدثنا 
سوار بن عبد الله ،  قال حدثنا 
يحيى بن سعيد ،  عن 
عبد الملك ،  عن 
عطاء   ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) قال : إن الله حرم 
مكة ،  لم تحل لنبي إلا نبيكم ساعة من نهار  . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله : ( 
وأنت حل بهذا البلد  ) يعني 
محمدا ،  يقول : أنت حل بالحرم ، فاقتل إن شئت ، أو دع . 
وقوله : ( 
ووالد وما ولد  ) يقول تعالى ذكره : فأقسم بوالد وبولده الذي ولد . 
ثم اختلف أهل التأويل في المعني بذلك من الوالد وما ولد ، فقال بعضهم : عني بالوالد : كل والد ، وما ولد : كل عاقر لم يلد . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
ابن عطية ،  عن 
شريك ،  عن 
خصيف ،  عن  
[ ص: 432 ] عكرمة ،  عن 
ابن عباس  في : ( 
ووالد وما ولد  ) قال : الوالد : الذي يلد ، وما ولد : العاقر الذي لا يولد له . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  عن 
خصيف ،  عن 
عكرمة ،  عن 
ابن عباس   ( 
ووالد وما ولد  ) قال : العاقر ، والتي تلد . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
النضر بن عربي ،  عن 
عكرمة   ( 
ووالد وما ولد  ) قال : العاقر ، والتي تلد  . 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس   ( 
ووالد وما ولد  ) قال : هو الوالد وولده . 
وقال آخرون : عني بذلك : 
آدم  وولده . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   ( 
ووالد وما ولد  ) قال : الوالد : 
آدم ،  وما ولد : ولده . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى ;  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  قوله : ( 
ووالد وما ولد  ) قال : ولده . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
ووالد وما ولد  ) قال : 
آدم  وما ولد . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة   ( 
ووالد وما ولد  ) قال : 
آدم  وما ولد . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
ابن أبي زائدة ،  عن 
ابن أبي خالد ،  عن 
أبي صالح  في قول الله ( 
ووالد وما ولد  ) قال : 
آدم  وما ولد . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول ، في قوله : ( 
ووالد وما ولد  ) قال : الوالد : 
آدم ،  وما ولد : ولده . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  قوله : ( 
ووالد وما ولد  ) قال : 
آدم  وما ولد  . 
حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ،  قال : ثنا 
محمد بن عبيد ،  عن 
إسماعيل بن  [ ص: 433 ] أبي خالد ،  عن 
أبي صالح ،  في قوله : ( 
ووالد وما ولد  ) قال : 
آدم  وما ولد . 
وقال آخرون : عني بذلك : 
إبراهيم  وما ولد . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن موسى الحرشي ،  قال : ثنا 
جعفر بن سليمان ،  قال : سمعت 
أبا عمران الجوني  يقرأ : ( 
ووالد وما ولد  ) قال : 
إبراهيم  وما ولد . 
والصواب من القول في ذلك : ما قاله الذين قالوا : إن الله أقسم بكل والد وولده ؛ لأن الله عم كل والد وما ولد . وغير جائز أن يخص ذلك إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل ، ولا خبر بخصوص ذلك ، ولا برهان يجب التسليم له بخصوصه ، فهو على عمومه كما عمه . 
وقوله : ( لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) وهذا هو جواب القسم . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قال : وقع هاهنا القسم ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) . 
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : لقد خلقنا ابن 
آدم  في شدة وعناء ونصب . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
علي ،  قال : ثنا 
أبو صالح ،  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  قوله : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) يقول : في نصب . 
حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ،  قال : ثنا 
محمد بن جعفر ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
منصور بن زاذان ،  عن 
الحسن ،  أنه قال في هذه الآية : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) يقول : في شدة  . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) حين خلق في مشقة لا يلقى ابن 
آدم  إلا مكابد أمر الدنيا والآخرة . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة ،  في قوله : ( 
في كبد  ) قال : يكابد أمر الدنيا والآخرة . 
وقال بعضهم : خلق خلقا لم نخلق خلقه شيئا . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
علي بن رفاعة ،  قال : سمعت 
الحسن   [ ص: 434 ] يقول : لم يخلق الله خلقا يكابد ما يكابد ابن 
آدم   . 
قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
علي بن رفاعة ،  قال : سمعت 
سعيد بن أبي الحسن  يقول : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : يكابد مصائب الدنيا ، وشدائد الآخرة . 
قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
النضر ،  عن 
عكرمة  قال : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : في شدة . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  عن 
عطاء ،  عن 
سعيد بن جبير ،  عن 
ابن عباس   ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : في شدة . 
قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
عطاء ،  عن 
ابن عباس ،  قال : في شدة معيشته ، وحمله وحياته ، ونبات أسنانه . 
قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  قال : قال 
مجاهد   ( 
الإنسان في كبد  ) قال : شدة خروج أسنانه . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى ;  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  قوله : ( 
الإنسان في كبد  ) قال : شدة . 
وقال آخرون : معنى ذلك أنه خلق منتصبا معتدل القامة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس ،  قوله : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : في انتصاب ، ويقال : في شدة . 
حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ،  قال : ثنا 
حرمي بن عمارة ،  قال : ثنا 
شعبة ،  قال : أخبرني 
عمارة ،  عن 
عكرمة ،  في قوله : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : في انتصاب ، يعني القامة . 
حدثنا 
ابن بشار ،  قال : ثنا 
عبد الرحمن ،  قال : ثنا 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
إبراهيم   ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : منتصبا . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ;  وحدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  جميعا عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
إبراهيم ،  مثله .  
[ ص: 435 ] 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
ابن أبي زائدة ،  عن 
إسماعيل بن أبي خالد ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد ،  في قوله : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : معتدلا بالقامة ، قال 
أبو صالح   : معتدلا في القامة . 
حدثنا 
يحيى بن داود الواسطي ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ،  عن 
إسماعيل ،  عن 
أبي صالح   ( 
خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : قائما . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول ، في قوله : ( 
في كبد  ) خلق منتصبا على رجلين ، لم تخلق دابة على خلقه . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
جرير ،  عن 
مغيرة ،  عن 
مجاهد   ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : في صعد . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنه خلق في السماء . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله : ( 
لقد خلقنا الإنسان في كبد  ) قال : في السماء ، يسمى ذلك الكبد . 
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : معنى ذلك أنه خلق يكابد الأمور ويعالجها ، فقوله : ( 
في كبد  ) معناه : في شدة . 
وإنما قلنا : ذلك أولى بالصواب ; لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب من معاني الكبد ، ومنه قول 
لبيد بن ربيعة   : 
عين هلا بكيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد 
وقوله : ( 
أيحسب أن لن يقدر عليه أحد  ) ذكر أن ذلك نزل في رجل بعينه من 
بني جمح ،  كان يدعى 
أبا الأشد ،  وكان شديدا ، فقال جل ثناؤه : أيحسب هذا القوي بجلده وقوته ، أن لن يقهره أحد ويغلبه ، فالله غالبه وقاهره . 
وقوله : ( 
يقول أهلكت مالا لبدا  ) يقول هذا الجليد الشديد : أهلكت مالا  
[ ص: 436 ] كثيرا ، في عداوة 
محمد  صلى الله عليه وسلم ، فأنفقت ذلك فيه ، وهو كاذب في قوله ذلك ، وهو فعل من التلبد ، وهو الكثير ، بعضه على بعض ، يقال منه : لبد بالأرض يلبد : إذا لصق بها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس   : ( 
مالا لبدا  ) يعني باللبد : المال الكثير . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى ;  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   ( 
مالا لبدا  ) قال : كثيرا . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : أخبرني 
مسلم ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  في قوله : ( 
أهلكت مالا لبدا  ) . قال : مالا كثيرا . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قوله : ( 
أهلكت مالا لبدا  ) أي : كثيرا . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة ،  مثله . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله : ( 
مالا لبدا  ) قال : اللبد : الكثير . 
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار : ( 
مالا لبدا  ) بتخفيف الباء . وقرأه 
أبو جعفر  بتشديدها . 
والصواب بتخفيفها ؛ لإجماع الحجة عليه . 
وقوله : ( 
أيحسب أن لم يره أحد  ) يقول تعالى ذكره : أيظن هذا القائل ( 
أهلكت مالا لبدا  ) أن لم يره أحد في حال إنفاقه يزعم أنه أنفقه . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
أيحسب أن لم يره أحد  ) ابن 
آدم  إنك مسئول عن هذا المال ، من أين اكتسبته ، وأين أنفقته . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة ،  مثله .