[ ص: 490 ]  [ ص: 491 ]  [ ص: 492 ]  [ ص: 493 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في تأويل قوله تعالى : ( 
ألم نشرح لك صدرك  ( 1 ) 
ووضعنا عنك وزرك  ( 2 ) 
الذي أنقض ظهرك  ( 3 ) 
ورفعنا لك ذكرك  ( 4 ) 
فإن مع العسر يسرا  ( 5 ) 
إن مع العسر يسرا  ( 6 ) 
فإذا فرغت فانصب  ( 7 ) 
وإلى ربك فارغب  ( 8 ) ) . 
يقول تعالى ذكره لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم ، مذكره آلاءه عنده ، وإحسانه إليه ، حاضا له بذلك على شكره ، على ما أنعم عليه ؛ ليستوجب بذلك المزيد منه : ( 
ألم نشرح لك  ) يا 
محمد ،  للهدى والإيمان بالله ومعرفة الحق ( صدرك ) فنلين لك قلبك ، ونجعله وعاء للحكمة : ( 
ووضعنا عنك وزرك  ) يقول : وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك ، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها ، وهي في قراءة عبد الله فيما ذكر : ( وحللنا عنك وقرك الذي أنقض ظهرك ) يقول : الذي أثقل ظهرك فأوهنه ، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر قد أوهنه السفر ، وأذهب لحمه : هو نقض سفر . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى;  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  في قول الله : ( 
ووضعنا عنك وزرك  ) قال : ذنبك . 
( 
الذي أنقض ظهرك  ) قال : أثقل ظهرك . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قوله : ( 
ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك  ) : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم  
[ ص: 494 ] ذنوب قد أثقلته ، فغفرها الله له . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة ،  في قوله : ( 
أنقض ظهرك  ) قال : كانت للنبي ذنوب قد أثقلته ، فغفرها الله له . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله : ( 
ووضعنا عنك وزرك  ) يعني : الشرك الذي كان فيه . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله : ( 
ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك  ) قال : شرح له صدره ، وغفر له ذنبه الذي كان قبل أن ينبأ ، فوضعه  . 
وفي قوله : ( 
الذي أنقض ظهرك  ) قال : أثقله وجهده ، كما ينقض البعير حمله الثقيل ، حتى يصير نقضا بعد أن كان سمينا ( 
ووضعنا عنك وزرك  ) قال : ذنبك الذي أنقض ظهرك ، أثقل ظهرك ، ووضعناه عنك ، وخففنا عنك ما أثقل ظهرك . 
وقوله : ( 
ورفعنا لك ذكرك  ) يقول : ورفعنا لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت معي ، وذلك قول : لا إله إلا الله ، 
محمد  رسول الله . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
أبو كريب  وعمرو بن مالك ،  قالا ثنا 
سفيان بن عيينة ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   ( 
ورفعنا لك ذكرك  ) قال : لا أذكر إلا ذكرت معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن 
محمدا  رسول الله . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة ،  في قوله : ( 
ورفعنا لك ذكرك  ) قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ابدءوا بالعبودة ، وثنوا بالرسالة " فقلت 
لمعمر ،  قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ، فهو العبودة ، ورسوله أن تقول : عبده ورسوله . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
ورفعنا لك ذكرك  ) رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ، ولا متشهد ، ولا صاحب صلاة ، إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن 
محمدا  رسول الله  . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : أخبرنا 
عمرو بن الحارث ،  عن  
[ ص: 495 ] دراج ،  عن 
أبي الهيثم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ،  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=812686 " أتاني جبريل  فقال إن ربي وربك يقول : كيف رفعت لك ذكرك ؟ قال : الله أعلم ، قال : إذا ذكرت ذكرت معي " . 
وقوله : ( 
فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا  ) يقول تعالى ذكره لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم : فإن مع الشدة التي أنت فيها من جهاد هؤلاء المشركين ، ومن أوله ما أنت بسبيله رجاء وفرجا بأن يظفرك بهم ، حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به طوعا وكرها . 
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية لما نزلت بشر بها أصحابه ، وقال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=811180 " لن يغلب عسر يسرين  " . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا 
المعتمر بن سليمان ،  قال : سمعت 
يونس ،  قال : قال 
الحسن   : لما نزلت هذه الآية ( 
فإن مع العسر يسرا  ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=811865أبشروا أتاكم اليسر ، لن يغلب عسر يسرين  " . 
حدثني 
يعقوب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ،  عن 
يونس ،  عن 
الحسن ،  مثله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . 
حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ،  قال : ثنا 
محمد بن جعفر ،  قال : ثنا 
عوف ،  عن 
الحسن ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
الحسن ،  قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فرحا وهو يضحك ، وهو يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=811180لن يغلب عسر يسرين ، لن يغلب عسر يسرين ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا  ) " . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قوله : ( 
فإن مع العسر يسرا  ) ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه بهذه الآية ، فقال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=811180 " لن يغلب عسر يسرين " . 
حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ،  قال : ثنا 
محمد بن جعفر ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
معاوية بن قرة أبي إياس ،  عن رجل ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ،  قال : لو دخل العسر في جحر ، لجاء اليسر حتى يدخل عليه ؛ لأن الله يقول : ( 
فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا  )  .  
[ ص: 496 ] 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
شعبة ،  عن رجل ، عن 
عبد الله ،  بنحوه . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم   : قال : ثنا 
عيسى ;  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  قوله : ( 
إن مع العسر يسرا  ) قال : يتبع اليسر العسر  . 
وقوله : ( فإذا فرغت فانصب  ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فإذا فرغت من صلاتك فانصب إلى ربك في الدعاء ، وسله حاجاتك . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
علي ،  قال : ثنا 
أبو صالح ،  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  في قوله : ( 
فإذا فرغت فانصب  ) يقول : في الدعاء . 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس   : ( 
فإذا فرغت فانصب  ) يقول : فإذا فرغت مما فرض عليك من الصلاة فسل الله ، وارغب إليه ، وانصب له  . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  قوله : ( 
فإذا فرغت فانصب  ) قال : إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك إلى ربك . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول : في قوله : ( 
فإذا فرغت فانصب  ) يقول : من الصلاة المكتوبة قبل أن تسلم ، فانصب . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قوله : ( 
فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب  ) قال : أمره إذا فرغ من صلاته أن يبالغ في دعائه . 
حدثنا 
ابن عبد الأعلى ،  قال : 
ثنا ابن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة ،  في قوله : ( 
فإذا فرغت  ) من صلاتك ( فانصب ) في الدعاء . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ( 
فإذا فرغت  ) من جهاد عدوك ( فانصب ) في عبادة ربك . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  قال : قال 
الحسن  في  
[ ص: 497 ] قوله : ( 
فإذا فرغت فانصب  ) قال : أمره إذا فرغ من غزوه ، أن يجتهد في الدعاء والعبادة . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله : ( 
فإذا فرغت فانصب  ) قال عن أبيه : فإذا فرغت من الجهاد ، جهاد العرب ، وانقطع جهادهم فانصب لعبادة الله ( 
وإلى ربك فارغب  )  . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : فإذا فرغت من أمر دنياك ، فانصب في عبادة ربك . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
فإذا فرغت فانصب  ) قال : إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب ، قال : فصل . 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
فإذا فرغت فانصب  ) قال : إذا فرغت من أمر دنياك فانصب ، فصل . 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
جرير ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد ،  في قوله : ( 
فإذا فرغت  ) قال : إذا فرغت من أمر الدنيا ، وقمت إلى الصلاة ، فاجعل رغبتك ونيتك له . 
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن الله تعالى ذكره ، أمر نبيه أن يجعل فراغه من كل ما كان به مشتغلا من أمر دنياه وآخرته ، مما أدى له الشغل به ، وأمره بالشغل به إلى النصب في عبادته ، والاشتغال فيما قربه إليه ، ومسألته حاجاته ، ولم يخصص بذلك حالا من أحوال فراغه دون حال ، فسواء كل أحوال فراغه ، من صلاة كان فراغه ، أو جهاد ، أو أمر دنيا كان به مشتغلا لعموم الشرط في ذلك من غير خصوص حال فراغ دون حال أخرى . 
وقوله : ( 
وإلى ربك فارغب  ) يقول تعالى ذكره : وإلى ربك يا 
محمد  فاجعل رغبتك دون من سواه من خلقه ؛ إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الآلهة والأنداد . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد ،  قال : ثنا 
مهران ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
وإلى ربك فارغب  ) قال : اجعل نيتك ورغبتك إلى الله  .  
[ ص: 498 ] 
حدثنا 
أبو كريب ،  قال : ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
سفيان ،  عن 
منصور ،  عن 
مجاهد   ( 
وإلى ربك فارغب  ) قال : اجعل رغبتك ونيتك إلى ربك . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى ;  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  قوله : ( 
وإلى ربك فارغب  ) قال : إذا قمت إلى الصلاة  . 
آخر تفسير سورة ألم نشرح