صفحة جزء
[ ص: 554 ] [ ص: 555 ] [ ص: 556 ] [ ص: 557 ] بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( والعاديات ضبحا ( 1 ) فالموريات قدحا ( 2 ) فالمغيرات صبحا ( 3 ) فأثرن به نقعا ( 4 ) فوسطن به جمعا ( 5 ) إن الإنسان لربه لكنود ( 6 ) وإنه على ذلك لشهيد ( 7 ) وإنه لحب الخير لشديد ( 8 ) أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور ( 9 ) وحصل ما في الصدور ( 10 ) إن ربهم بهم يومئذ لخبير ( 11 ) ) .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( والعاديات ضبحا ) فقال بعضهم : عني بالعاديات ضبحا : الخيل التي تعدو ، وهي تحمحم .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله ( والعاديات ضبحا ) قال : الخيل ، وزعم غير ابن عباس أنها الإبل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( والعاديات ضبحا ) قال ابن عباس : هو في القتال .

حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله : ( والعاديات ضبحا ) قال : الخيل .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أبو رجاء ، قال : سئل عكرمة ، عن قوله : ( والعاديات ضبحا ) قال : ألم تر إلى الفرس إذا جرى كيف يضبح ؟ [ ص: 558 ]

حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : ليس شيء من الدواب يضبح غير الكلب والفرس .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( والعاديات ضبحا ) قال : الخيل تضبح .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( والعاديات ضبحا ) قال : هي الخيل ، عدت حتى ضبحت .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله ( والعاديات ضبحا ) قال : هي الخيل تعدو حتى تضبح .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سعيد ، عن قتادة مثل حديث بشر ، عن يزيد ; حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا سعيد ، قال : سمعت سالما يقرأ : ( والعاديات ضبحا ) قال : هي الخيل عدت ضبحا .

قال : ثنا وكيع ، عن واصل ، عن عطاء ( والعاديات ضبحا ) قال : الخيل .

قال : ثنا وكيع ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : ما ضبحت دابة قط إلا كلب أو فرس .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والعاديات ضبحا ) قال : هي الخيل .

حدثني سعيد بن الربيع الرازي . قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : هي الخيل .

وقال آخرون : هي الإبل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو السائب . قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ( والعاديات ضبحا ) قال : هي الإبل .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، مثله .

حدثني عيسى بن عثمان الرملي ، قال : ثني عمي يحيى بن عيسى الرملي ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، مثله . [ ص: 559 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ( والعاديات ضبحا ) قال : هي الإبل إذا ضبحت تنفست .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس حدثه قال : بينما أنا في الحجر جالس ، أتاني رجل يسأل عن ( العاديات ضبحا ) فقلت له : الخيل حين تغير في سبيل الله ، ثم تأوي إلى الليل ، فيصنعون طعامهم ، ويورون نارهم . فانفتل عني ، فذهب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو تحت سقاية زمزم ، فسأله عن ( العاديات ضبحا ) فقال : سألت عنها أحدا قبلي ؟ قال : نعم ، سألت عنها ابن عباس ، فقال : الخيل حين تغير في سبيل الله ، قال : اذهب فادعه لي ; فلما وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله لكانت أول غزوة في الإسلام لبدر ، وما كان معنا إلا فرسان : فرس للزبير ، وفرس للمقداد فكيف تكون العاديات ضبحا! إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى مزدلفة إلى منى ; قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ، ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ( والعاديات ضبحا ) قال : الإبل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( والعاديات ضبحا ) قال : قال ابن مسعود : هو في الحج .

حدثنا سعيد بن الربيع الرازي ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عبيد بن عمير ، قال : هي الإبل ، يعني ( والعاديات ضبحا ) .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ( والعاديات ضبحا ) قال : قال ابن مسعود : هي الإبل .

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب : قول من قال : عني بالعاديات : الخيل ، وذلك أن الإبل لا تضبح ، وإنما تضبح الخيل ، وقد أخبر الله تعالى أنها تعدو ضبحا ، والضبح : هو ما قد ذكرنا قبل . وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 560 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، قال : قال علي رضي الله عنه : الضبح من الخيل : الحمحمة ، ومن الإبل : النفس .

قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : سمعت ابن عباس يصف الضبح : أح أح .

وقوله : ( فالموريات قدحا )

اختلف أهل التأويل ، في ذلك ، فقال بعضهم : هي الخيل توري النار بحوافرها .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أبو رجاء ، قال : سئل عكرمة ، عن قوله : ( فالموريات قدحا ) قال : أورت وقدحت .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فالموريات قدحا ) قال : هي الخيل ; وقال الكلبي : تقدح بحوافرها حتى يخرج منها النار .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل ، عن عطاء ( فالموريات قدحا ) قال : أورت النار بحوافرها .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( فالموريات قدحا ) توري الحجارة بحوافرها .

وقال آخرون : بل معنى ذلك أن الخيل هجن الحرب بين أصحابهن وركبانهن .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فالموريات قدحا ) قال : هجن الحرب بينهم وبين عدوهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ( فالموريات قدحا ) قال : هجن الحرب بينهم وبين عدوهم .

وقال آخرون : بل عني بذلك : الذين يورون النار بعد انصرافهم من الحرب .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو صخر ، عن أبي معاوية [ ص: 561 ] البجلي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : سألني علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن ( والعاديات ضبحا فالموريات قدحا ) فقلت له : الخيل تغير في سبيل الله ، ثم تأوي إلى الليل ، فيصنعون طعامهم ويورون نارهم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : مكر الرجال .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( فالموريات قدحا ) قال : المكر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح . عن مجاهد ، في قول الله : ( فالموريات قدحا ) قال : مكر الرجال .

وقال آخرون : هي الألسنة

ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا يونس بن محمد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة قال : يقال في هذه الآية ( فالموريات قدحا ) قال : هي الألسنة .

وقال آخرون : هي الإبل حين تسير تنسف بمناسمها الحصى .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله : ( فالموريات قدحا ) قال : إذا نسفت الحصى بمناسمها ، فضرب الحصى بعضه بعضا ، فيخرج منه النار .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالموريات التي توري النيران قدحا ; فالخيل توري بحوافرها ، والناس يورونها بالزند ، واللسان - مثلا - يوري بالمنطق ، والرجال يورون بالمكر - مثلا - ، وكذلك الخيل تهيج الحرب بين أهلها : إذا التقت في الحرب ، ولم يضع الله دلالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض فكل ما أورت النار قدحا ، فداخلة فيما أقسم به ، لعموم ذلك بالظاهر .

وقوله : ( فالمغيرات صبحا )

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال [ ص: 562 ] بعضهم : معنى ذلك : فالمغيرات صبحا على عدوها علانية .

ذكر من قال ذلك :

29259 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : سألني رجل عن المغيرات صبحا ، فقال : الخيل تغير في سبيل الله .

29260 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أبو رجاء ، قال : سألت عكرمة ، عن قوله ( فالمغيرات صبحا ) قال : أغارت على العدو صبحا .

29261 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( فالمغيرات صبحا ) قال : هي الخيل .

29262 - حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فالمغيرات صبحا ) قال : هي الخيل .

29263 - حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فالمغيرات صبحا ) قال : أغار القوم بعد ما أصبحوا على عدوهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فالمغيرات صبحا ) قال : أغارت حين أصبحوا .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ( فالمغيرات صبحا ) قال : أغار القوم حين أصبحوا .

وقال آخرون : عني بذلك الإبل حين تدفع بركبانها من " جمع " يوم النحر إلى " منى " .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ( فالمغيرات صبحا ) حين يفيضون من جمع .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال : إن الله جل ثناؤه أقسم بالمغيرات صبحا ، ولم يخصص من ذلك مغيرة دون مغيرة ، فكل مغيرة صبحا ، فداخلة فيما أقسم به ; وقد كان زيد بن أسلم يذكر تفسير هذه الأحرف ويأباها ، ويقول : إنما [ ص: 563 ] هو قسم أقسم الله به .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والعاديات ضبحا فالموريات قدحا ) قال : هذا قسم أقسم الله به . وفي قوله : ( فوسطن به جمعا ) قال : كل هذا قسم ، قال : ولم يكن أبي ينظر فيه إذا سئل عنه ، ولا يذكره ، يريد به القسم .

وقوله : ( فأثرن به نقعا )

يقول تعالى ذكره : فرفعن بالوادي غبارا ; والنقع : الغبار ، ويقال : إنه التراب . والهاء في قوله " به " كناية اسم الموضع ، وكنى عنه ، ولم يجر له ذكر ؛ لأنه معلوم أن الغبار لا يثار إلا من موضع ، فاستغنى بفهم السامعين بمعناه من ذكره .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( فأثرن به نقعا ) قال : الخيل .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل ، عن عطاء وابن زيد ، قال : النقع : الغبار .

حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ( فأثرن به نقعا ) قال : هي أثارت الغبار ، يعني : الخيل .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أبو رجاء ، قال : سئل عكرمة ، عن قوله ( فأثرن به نقعا ) قال : أثارت التراب بحوافرها .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران عن سعيد ، عن قتادة ( فأثرن به نقعا ) قال : أثرن بحوافرها نقع التراب .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، مثله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فأثرن به نقعا ) قال : أثرن به غبارا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو صخر ، عن أبي [ ص: 564 ] معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال لي علي : إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى ( فأثرن به نقعا ) : الأرض حين تطؤها بأخفافها وحوافرها .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ( فأثرن به نقعا ) قال : إذا سرن يثرن التراب .

وقوله : ( فوسطن به جمعا )

يقول تعالى ذكره : فوسطن بركبانهن جمع القوم ، يقال : وسطت القوم بالتخفيف ، ووسطته بالتشديد ، وتوسطته : بمعنى واحد .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أبو رجاء ، قال : سئل عكرمة ، عن قوله : ( فوسطن به جمعا ) قال : جمع الكفار .

حدثنا هناد بن السري ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ( فوسطن به جمعا ) قال جمع القوم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( فوسطن به جمعا ) قال : هو جمع القوم .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل ، عن عطاء ( فوسطن به جمعا ) قال : جمع العدو .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( فوسطن به جمعا ) قال : جمع هؤلاء وهؤلاء .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فوسطن به جمعا ) فوسطن جمع القوم .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ( فوسطن به جمعا ) فوسطن بالقوم جمع العدو .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فوسطن به جمعا ) قال : وسطن جمع القوم . [ ص: 565 ]

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( فوسطن به جمعا ) الجمع : الكتيبة .

وقال آخرون : بل عني بذلك ( فوسطن به ) مزدلفة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ( فوسطن به جمعا ) يعني : مزدلفة .

وقوله : ( إن الإنسان لربه لكنود )

يقول : إن الإنسان لكفور لنعم ربه . والأرض الكنود : التي لا تنبت شيئا ، قال الأعشى :


أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتاد



وقيل : إنما سميت كندة : لقطعها أباها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري ، قال : ثنا محمد بن كثير ، قال : ثنا مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قوله : ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : لكفور .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : لربه لكفور .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : لكفور .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 566 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مهدي بن ميمون ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن الحسن البصري : ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : هو الكفور الذي يعد المصائب ، وينسى نعم ربه .

حدثنا وكيع ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، قال : الكنود : الكفور .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال الحسن : ( إن الإنسان لربه لكنود ) يقول : لوام لربه يعد المصائب

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ( لكنود ) قال : لكفور .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : لكفور .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله .

حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ، قال : ثنا خالد بن الحارث ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك أنه قال : إنما سميت كندة : أنها قطعت أباها ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : لكفور .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : " لكفور ، الذي يأكل وحده ويضرب عبده ، ويمنع رفده " .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : الكنود : الكفور ، وقرأ : ( إن الإنسان لكفور ) .

حدثنا الحسن بن علي بن عياش ، قال : ثنا أبو المغيرة عبد القدوس ، قال : ثنا حريز بن عثمان ، قال : ثني حمزة بن هانئ ، عن أبي أمامة أنه كان يقول : الكنود : الذي ينزل وحده ، ويضرب عبده ، ويمنع رفده .

حدثني محمد بن إسماعيل الصواري ، قال : ثنا محمد بن سوار ، قال : أخبرنا [ ص: 567 ] أبو اليقظان ، عن سفيان عن هشام ، عن الحسن ، في قوله ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : لوام لربه ، يعد المصائب ، وينسى النعم .

وقوله : ( وإنه على ذلك لشهيد )

يقول تعالى ذكره : إن الله على كنوده ربه لشهيد : يعني لشاهد .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ( وإنه على ذلك لشهيد ) قال : يقول : إن الله على ذلك لشهيد .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإنه على ذلك لشهيد ) في بعض القراءات " إن الله على ذلك لشهيد " .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وإنه على ذلك لشهيد ) يقول : وإن الله عليه شهيد .

وقوله : ( وإنه لحب الخير لشديد )

يقول تعالى ذكره : وإن الإنسان لحب المال لشديد .

واختلف أهل العربية في وجه وصفه بالشدة لحب المال ، فقال بعض البصريين : معنى ذلك : وإنه من أجل حب الخير لشديد ؛ أي : لبخيل ; قال : يقال للبخيل : شديد ومتشدد . واستشهدوا لقوله ذلك ببيت طرفة بن العبد البكري :


أرى الموت يعتام النفوس ويصطفي     عقيلة مال الباخل المتشدد



وقال آخرون : معناه : وإنه لحب الخير لقوي .

وقال بعض نحويي الكوفة : كان موضع ( لحب ) أن يكون بعد شديد ، وأن يضاف شديد إليه ، فيكون الكلام : وإنه لشديد حب الخير ; فلما تقدم الحب في [ ص: 568 ] الكلام ، قيل : شديد ، وحذف من آخره ، لما جرى ذكره في أوله ولرءوس الآيات ، قال : ومثله في سورة إبراهيم : ( كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) والعصوف لا يكون لليوم ، إنما يكون للريح ; فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره ، كأنه قال : في يوم عاصف الريح ، والله أعلم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وإنه لحب الخير لشديد ) قال : الخير : الدنيا ; وقرأ : ( إن ترك خيرا الوصية ) قال : فقلت له : ( إن ترك خيرا ) : المال ؟ قال : نعم ، وأي شيء هو إلا المال ؟ قال : وعسى أن يكون حراما ، ولكن الناس يعدونه خيرا ، فسماه الله خيرا ؛ لأن الناس يسمونه خيرا في الدنيا ، وعسى أن يكون خبيثا ، وسمي القتال في سبيل الله سوءا ، وقرأ قول الله : ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ) قال : لم يمسسهم قتال ; قال : وليس هو عند الله بسوء ، ولكن يسمونه سوءا .

وتأويل الكلام : إن الإنسان لربه لكنود وإنه لحب الخير لشديد وإن الله على ذلك من أمره لشاهد . ولكن قوله : ( وإنه على ذلك لشهيد ) قدم ، ومعناه التأخير ، فجعل معترضا بين قوله : ( إن الإنسان لربه لكنود ) ، وبين قوله : ( وإنه لحب الخير لشديد )

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ( إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد ) قال : هذا في مقاديم الكلام ، قال : يقول : إن الله لشهيد أن الإنسان لحب الخير لشديد .

وقوله : ( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور )

يقول : أفلا يعلم هذا الإنسان الذي هذه صفته ، إذا أثير ما في القبور ، وأخرج ما فيها من الموتى وبحث .

وذكر أنها في مصحف عبد الله : " إذا بحث ما في القبور " وكذلك تأول ذلك أهل التأويل . [ ص: 569 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( بعثر ما في القبور ) بحث . وللعرب في ( بعثر ) لغتان : تقول : بعثر ، وبحثر ، ومعناهما واحد .

وقوله : ( وحصل ما في الصدور )

يقول : وميز وبين ، فأبرز ما في صدور الناس من خير وشر .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( وحصل ما في الصدور ) يقول : أبرز .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وحصل ما في الصدور ) يقول : ميز .

وقوله : ( إن ربهم بهم يومئذ لخبير )

يقول : إن ربهم بأعمالهم ، وما أسروا في صدورهم ، وأضمروه فيها ، وما أعلنوه بجوارحهم منها ، عليم لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيهم على جميع ذلك يومئذ .

آخر تفسير سورة والعاديات

التالي السابق


الخدمات العلمية