صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ذكره : ليس عليكم أيها المؤمنون جناح .

و"الجناح" ، الحرج ، كما : -

3761 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية ، عن [ ص: 163 ] علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، وهو لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده .

وقوله : " أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، يعني : أن تلتمسوا فضلا من عند ربكم .

يقال منه : ابتغيت فضلا من الله - ومن فضل الله - أبتغيه ابتغاء" ، إذا طلبته والتمسته ، " وبغيته أبغيه بغيا" ، كما قال عبد بني الحسحاس :


بغاك ، وما تبغيه حتى وجدته كأنك قد واعدته أمس موعدا



يعني طلبك والتمسك .

وقيل : إن معنى" ابتغاء الفضل من الله" ، التماس رزق الله بالتجارة ، وأن هذه الآية نزلت في قوم كانوا لا يرون أن يتجروا إذا أحرموا يلتمسون البر بذلك ، فأعلمهم جل ثناؤه أن لا بر في ذلك ، وأن لهم التماس فضله بالبيع والشراء .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 164 ]

3762 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال : حدثنا المحاربي ، عن عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : كانوا يحجون ولا يتجرون ، فأنزل الله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال : في الموسم .

3763 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عمر بن ذر ، قال : سمعت مجاهدا يحدث قال : كان ناس لا يتجرون أيام الحج ، فنزلت فيهم" ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " .

3764 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا أبو ليلى ، عن بريدة في قوله تبارك وتعالى : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال : إذا كنتم محرمين ، أن تبيعوا وتشتروا .

3765 - حدثنا طليق بن محمد الواسطي ، قال : أخبرنا أسباط ، قال : أخبرنا الحسن بن عمرو ، عن أبي أمامة التيمي قال : قلت لابن عمر : إنا قوم نكرى ، فهل لنا حج؟ قال : أليس تطوفون بالبيت ، وتأتون المعرف وترمون الجمار ، وتحلقون رءوسكم؟ فقلنا : بلى! قال : جاء رجل إلى النبي : صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني عنه ، فلم يدر ما يقول له ، حتى نزل جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " إلى آخر الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنتم حجاج . [ ص: 165 ]

3766 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : أخبرنا أيوب ، عن عكرمة ، قال : كانت تقرأ هذه الآية : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " .

3767 - حدثنا عبد الحميد ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن شريك ، عن منصور بن المعتمر في قوله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال : هو التجارة في البيع والشراء ، والاشتراء لا بأس به .

3768 - حدثت عن أبي هشام الرفاعي ، قال : حدثنا وكيع ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " .

3769 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، عن علي بن مسهر ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : كان متجر الناس في الجاهلية عكاظ وذو المجاز ، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك ، حتى أنزل الله جل ثناؤه : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " .

3770 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي أميمة ، قال : سمعت ابن عمر - وسئل عن الرجل يحج ومعه تجارة - فقرأ ابن عمر : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " .

3771 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا يزيد بن أبي [ ص: 166 ] زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : كانوا لا يتجرون في أيام الحج ، فنزلت : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " .

3772 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه قرأ : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج" .

3773 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا طلحة بن عمرو الحضرمي ، عن عطاء قوله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج" ، هكذا قرأها ابن عباس .

3774 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد في قوله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال : التجارة في الدنيا ، والأجر في الآخرة .

3775 - حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال : التجارة ، أحلت لهم في المواسم . قال : فكانوا لا يبيعون ، أو يبتاعون في الجاهلية بعرفة .

3776 - حدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

3777 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا ضالة ليلة النفر ، وكانوا يسمونها"ليلة الصدر" ، ولا [ ص: 167 ] يطلبون فيها تجارة ولا بيعا ، فأحل الله عز وجل ذلك كله للمؤمنين ، أن يعرجوا على حوائجهم ويبتغوا من فضل ربهم .

3778 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، قال : سمعت ابن الزبير يقرأ : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " .

3779 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : قال ابن عباس : كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام تركوا ذلك حتى نزلت : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " .

3780 - حدثنا أحمد بن حازم والمثنى ، قالا حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن سوقة ، قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : كان بعض الحاج يسمون"الداج" ، فكانوا ينزلون في الشق الأيسر من منى ، وكان الحاج ينزلون عند مسجد منى ، فكانوا لا يتجرون ، حتى نزلت : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، فحجوا .

3781 - حدثني أحمد بن حازم ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عمر بن ذر ، عن مجاهد قال : كان ناس يحجون ولا يتجرون ، حتى نزلت : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، فرخص لهم في المتجر والركوب والزاد .

3782 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا [ ص: 168 ] أسباط عن السدي ، قوله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، هي التجارة . قال : اتجروا في الموسم .

3783 - حدثنا محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال : كان الناس إذا أحرموا لم يتبايعوا حتى يقضوا حجهم ، فأحله الله لهم .

3784 - حدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : كانوا يتقون البيوع والتجارة أيام الموسم ، يقولون : " أيام ذكر!" فأنزل الله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، فحجوا .

3785 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج" .

3786 - حدثنا المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : لا بأس بالتجارة في الحج ، ثم قرأ : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " .

3787 - حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس قوله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال : كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا على ضالة ولا ينتظرون لحاجة ، وكانوا يسمونها" ليلة الصدر" ولا يطلبون فيها تجارة . فأحل الله ذلك كله ، أن يعرجوا على حاجتهم ، وأن يطلبوا فضلا من ربهم .

3788 - حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا مندل ، عن عبد الرحمن بن المهاجر ، عن أبي صالح مولى عمر ، قال : قلت لعمر : يا أمير [ ص: 169 ] المؤمنين ، كنتم تتجرون في الحج؟ قال : وهل كانت معايشهم إلا في الحج .

3789 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن العلاء بن المسيب ، عن رجل من بني تيم الله ، قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمر ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إنا قوم نكرى فيزعمون أنه ليس لنا حج ! قال : ألستم تحرمون كما يحرمون ، وتطوفون كما يطوفون ، وترمون كما يرمون؟ قال : بلى! قال : فأنت حاج! جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألت عنه ، فنزلت هذه الآية : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " .

3790 - حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قال : كانوا إذا أفاضوا من عرفات لم يتجروا بتجارة ، ولم يعرجوا على كسير ، ولا على ضالة ، فأحل الله ذلك ، فقال : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " إلى آخر الآية .

3791 - حدثني سعيد بن الربيع الرازي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية ، فكانوا يتجرون فيها . فلما كان الإسلام كأنهم تأثموا منها ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج . [ ص: 170 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية