القول في 
تأويل قوله عز ذكره ( سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة  ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني بذلك جل ثناؤه : سل يا 
محمد  بني إسرائيل  الذين لا ينتظرون - بالإنابة إلى طاعتي ، والتوبة إلي بالإقرار بنبوتك وتصديقك فيما جئتهم به من عندي - إلا أن آتيهم في ظلل من الغمام وملائكتي ، فأفصل القضاء بينك وبين من آمن بك وصدقك بما أنزلت إليك من كتبي ، وفرضت  
[ ص: 271 ] عليك وعليهم من شرائع ديني ، وبينهم كم جئتهم به من قبلك من آية وعلامة ، على ما فرضت عليهم من فرائضي ، فأمرتهم به من طاعتي ، وتابعت عليهم من حججي على أيدي أنبيائي ورسلي من قبلك ، مؤيدة لهم على صدقهم ، بينة أنها من عندي ، واضحة أنها من أدلتي على صدق نذري ورسلي فيما افترضت عليهم من تصديقهم وتصديقك ، فكفروا حججي ، وكذبوا رسلي ، وغيروا نعمي قبلهم ، وبدلوا عهدي ووصيتي إليهم . 
وأما"الآية" ، فقد بينت تأويلها فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية وهي هاهنا . ما : - 
4040 - حدثنا 
محمد بن عمرو ،  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  في قول الله عز وجل : " 
سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة  " ، ما ذكر الله في القرآن وما لم يذكر ، وهم 
اليهود   . 
4041 - حدثت عن 
عمار ،  قال : حدثنا 
ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن 
الربيع  قوله : " 
سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة  " ، يقول : آتاهم الله آيات بينات : عصا 
موسى  ويده ، وأقطعهم البحر ، وأغرق عدوهم وهم ينظرون ، وظلل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، وذلك من آيات الله التي آتاها 
بني إسرائيل  في آيات كثيرة غيرها ، خالفوا معها أمر الله ، فقتلوا أنبياء الله ورسله ، وبدلوا عهده ووصيته إليهم ، قال الله : " 
ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب  " . 
قال 
أبو جعفر   : وإنما أنبأ الله نبيه بهذه الآيات ، فأمره بالصبر على من كذبه ، واستكبر على ربه ، وأخبره أن ذلك فعل من قبله من أسلاف الأمم قبلهم بأنبيائهم ،  
[ ص: 272 ] مع مظاهرته عليهم الحجج ، وأن من هو بين أظهرهم من 
اليهود  إنما هم من بقايا من جرت عادتهم [ بذلك ] ، ممن قص عليه قصصهم من 
بني إسرائيل   .