صفحة جزء
[ ص: 372 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " ويسألونك عن المحيض " ، ويسألك يا محمد أصحابك عن الحيض .

وقيل : " المحيض " ، لأن ما كان من الفعل ماضيه بفتح عين الفعل ، وكسرها في الاستقبال ، مثل قول القائل : " ضرب يضرب ، وحبس يحبس ، ونزل ينزل " ، فإن العرب تبني مصدره على " المفعل " والاسم على " المفعل " ، مثل " المضرب ، والمضرب " من " ضربت " ، " ونزلت منزلا ومنزلا " . ومسموع في ذوات الياء والألف والياء ، " المعيش والمعاش " و" المعيب والمعاب " ، كما قال رؤبة في المعيش :


إليك أشكو شدة المعيش ومر أعوام نتفن ريشي



وإنما كان القوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لنا - عن الحيض ، لأنهم كانوا قبل بيان الله لهم ما يتبينون من أمره ، لا يساكنون حائضا في بيت ، ولا يؤاكلونهن في إناء ولا يشاربونهن . فعرفهم الله بهذه الآية ، أن الذي عليهم في أيام حيض نسائهم أن يجتنبوا جماعهن فقط ، دون ما عدا ذلك من [ ص: 373 ] مضاجعتهن ومؤاكلتهن ومشاربتهن ، كما : -

4231 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " ويسألونك عن المحيض " حتى بلغ : " حتى يطهرن " فكان أهل الجاهلية لا تساكنهم حائض في بيت ، ولا تؤاكلهم في إناء ، فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك ، فحرم فرجها ما دامت حائضا ، وأحل ما سوى ذلك أن تصبغ لك رأسك ، وتؤاكلك من طعامك ، وأن تضاجعك في فراشك ، إذا كان عليها إزار محتجزة به دونك .

4232 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع مثله .

وقد قيل : إنهم سألوا عن ذلك ، لأنهم كانوا في أيام حيضهن يجتنبون إتيانهن في مخرج الدم ، ويأتونهن في أدبارهن ، فنهاهم الله عن أن يقربوهن في أيام حيضهن حتى يطهرن ، ثم أذن لهم - إذا تطهرن من حيضهن - في إتيانهن من حيث أمرهم باعتزالهن ، وحرم إتيانهن في أدبارهن بكل حال .

ذكر من قال ذلك :

4233 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا خصيف قال : حدثني مجاهد قال كانوا يجتنبون النساء في المحيض ويأتونهن في أدبارهن ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل الله : " ويسألونك عن المحيض " إلى : " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " - في الفرج لا تعدوه . [ ص: 374 ]

وقيل : إن السائل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك كان ثابت بن الدحداح الأنصاري .

4234 - حدثني بذلك موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية