صفحة جزء
[ ص: 526 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ) "

قال أبو جعفر : " والبعولة " جمع " بعل " ، وهو الزوج للمرأة ، ومنه قول جرير :


أعدوا مع الحلي الملاب فإنما جرير لكم بعل وأنتم حلائله

وقد يجمع " البعل " " البعولة ، والبعول " ، كما يجمع " الفحل " " الفحول والفحولة " ، و" الذكر " " الذكور والذكورة " . وكذلك ما كان على مثال " فعول " من الجمع ، فإن العرب كثيرا ما تدخل فيه " الهاء "؛ فأما ما كان منها على مثال " فعال " ، فقليل في كلامهم دخول " الهاء " فيه ، وقد حكى عنهم . " العظام والعظامة " ، ومنه قول الراجز :


ثم دفنت الفرث والعظامه

[ ص: 527 ]

وقد قيل : " الحجارة والحجار " و" المهارة والمهار " و" الذكارة والذكار " ، للذكور .

وأما تأويل الكلام ، فإنه : وأزواج المطلقات اللاتي فرضنا عليهن أن يتربصن بأنفسهن ثلاثه قروء ، وحرمنا عليهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن أحق وأولى بردهن إلى أنفسهم في حال تربصهن إلى الأقراء الثلاثة ، وأيام الحبل ، وارتجاعهن إلى حبالهم منهم بأنفسهن أن يمنعهن من أنفسهن ذلك كما : -

4754 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا " ، يقول : إذ طلق الرجل امرأته تطليقة أو ثنتين ، وهي حامل فهو أحق برجعتها ما لم تضع .

4755 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم : " وبعولتهن أحق بردهن " قال : في العدة

4756 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن البصري قالا : قال الله - تعالى [ ص: 528 ] ذكره - : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا " ، وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته كان أحق برجعتها وإن طلاقها ثلاثا ، فنسخ ذلك فقال : ( الطلاق مرتان ) الآية .

4757 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " في عدتهن .

4758 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .

4759 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن ليث عن مجاهد قال : في العدة

4760 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " ، أي في القروء في الثلاث حيض ، أو ثلاثة أشهر ، أو كانت حاملا فإذا طلقها زوجها واحدة أو اثنتين راجعها إن شاء ما كانت في عدتها

4761 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " قال : كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر ، فنهاهن الله عن ذلك وقال : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " ، قال قتادة : أحق برجعتهن في العدة . [ ص: 529 ]

4762 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قوله : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " ، يقول : في العدة ما لم يطلقها ثلاثا .

4763 - حدثني موسى قال : حدثني عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " ، يقول : أحق برجعتها صاغرة ، عقوبة لما كتمت زوجها من الحمل

4764 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وبعولتهن أحق بردهن " ، أحق برجعتهن ، ما لم تنقض العدة .

4765 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا جويبر عن الضحاك : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " ، قال : ما كانت في العدة إذا أراد المراجعة

قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فما لزوج - طلق واحدة أو اثنتين بعد الإفضاء إليها - عليها رجعة في أقرائها الثلاثة ، إلا أن يكون مريدا بالرجعة إصلاح أمرها وأمره؟

قيل : أما فيما بينه وبين الله تعالى فغير جائز إذا أراد ضرارها بالرجعة ، لا إصلاح أمرها وأمره مراجعتها .

وأما في الحكم فإنه مقضي له عليها بالرجعة ، نظير ما حكمنا عليه ببطول رجعته عليها لو كتمته حملها الذي خلقه الله في رحمها أو حيضها حتى انقضت عدتها ضرارا منها له ، وقد نهى الله عن كتمانه ذلك ، فكان سواء في الحكم في بطول [ ص: 530 ] رجعة زوجها عليها ، وقد أثمت في كتمانها إياه ما كتمته من ذلك حتى انقضت عدتها هي والتي أطاعت الله بتركها كتمان ذلك منه ، وإن اختلفا في طاعة الله في ذلك ومعصيته ، فكذلك المراجع زوجته المطلقة واحدة أو ثنتين بعد الإفضاء إليها وهما حران وإن أراد ضرار المراجعة برجعته - فمحكوم له بالرجعة ، وإن كان آثما بريائه في فعله ، ومقدما على ما لم يبحه الله له ، والله ولي مجازاته فيما أتى من ذلك . فأما العباد فإنهم غير جائز لهم الحول بينه وبين امرأته التي راجعها بحكم الله تعالى ذكره له بأنها حينئذ زوجته ، فإن حاول ضرارها بعد المراجعة بغير الحق الذي جعله الله له ، أخذ لها الحقوق التي ألزم الله تعالى ذكره الأزواج للزوجات حتى يعود ضرر ما أراد من ذلك عليه دونها .

قال أبو جعفر : وفي قوله : " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " أبين الدلالة على صحة قول من قال : إن المولي إذا عزم الطلاق فطلق امرأته التي آلى منها ، أن له عليها الرجعة في طلاقه ذلك وعلى فساد قول من قال : إن مضي الأشهر الأربعة عزم الطلاق ، وأنه تطليقة بائنة ، لأن الله تعالى ذكره إنما أعلم عباده ما يلزمهم إذا آلوا من نسائهم ، وما يلزم النساء من الأحكام في هذه الآية بإيلاء الرجال وطلاقهم ، إذا عزموا ذلك وتركوا الفيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية