صفحة جزء
[ ص: 531 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : تأويله : ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن لهم من الطاعة فيما أوجب الله تعالى ذكره له عليها .

ذكر من قال ذلك :

4766 - حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو عاصم عن جويبر عن الضحاك في قوله : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " ، قال : إذا أطعن الله وأطعن أزواجهن ، فعليه أن يحسن صحبتها ، ويكف عنها أذاه ، وينفق عليها من سعته .

4767 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " ، قال : يتقون الله فيهن ، كما عليهن أن يتقين الله فيهم .

وقال آخرون : معنى ذلك : ولهن على أزواجهن من التصنع والمواتاة مثل الذي عليهن لهم في ذلك .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 532 ]

4768 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن بشير بن سلمان عن عكرمة عن ابن عباس قال : إني أحب أن أتزين للمرأة ، كما أحب أن تتزين لي; لأن الله تعالى ذكره يقول : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف "

قال أبو جعفر : والذي هو أولى بتأويل الآية عندي : وللمطلقات واحدة أو ثنتين - بعد الإفضاء إليهن - على بعولتهن أن لا يراجعوهن في أقرائهن الثلاثة إذا أرادوا رجعتهن فيهن ، إلا أن يريدوا إصلاح أمرهن وأمرهم ، وألا يراجعوهن ضرارا كما عليهن لهم إذا أرادوا رجعتهن فيهن ، أن لا يكتمن ما خلق [ ص: 533 ] الله في أرحامهن من الولد ودم الحيض ضرارا منهن لهم ليفتنهم بأنفسهن

ذلك أن الله تعالى ذكره نهى المطلقات عن كتمان أزواجهن في أقرائهن ما خلق الله في أرحامهن ، إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ، وجعل أزواجهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ، فحرم الله على كل واحد منهما مضارة صاحبه ، وعرف كل واحد منهما ما له وما عليه من ذلك ، ثم عقب ذلك بقوله : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " فبين أن الذي على كل واحد منهما لصاحبه من ترك مضارته ، مثل الذي له على صاحبه من ذلك .

فهذا التأويل هو أشبه بدلالة ظاهر التنزيل من غيره .

وقد يحتمل أن يكون كل ما على كل واحد منهما لصاحبه داخلا في ذلك ، وإن كانت الآية نزلت فيما وصفنا ، لأن الله تعالى ذكره قد جعل لكل واحد منهما على الآخر حقا ، فلكل واحد منهما على الآخر من أداء حقه إليه مثل الذي عليه له ، فيدخل حينئذ في الآية ما قاله الضحاك وابن عباس وغير ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية