القول في تأويل 
قوله جل ذكره ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين  ( 241 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ولمن طلق من النساء على مطلقها من الأزواج ، " متاع " . يعني بذلك : ما تستمتع به من ثياب وكسوة أو نفقة أو خادم ، وغير ذلك مما يستمتع به . وقد بينا فيما مضى قبل معنى ذلك ، واختلاف أهل العلم فيه ، والصواب من القول من ذلك عندنا ، بما فيه الكفاية من إعادته . 
وقد اختلف أهل العلم في المعنية بهذه الآية من المطلقات . 
فقال بعضهم : عني بها الثيبات اللواتي قد جومعن . قالوا : وإنما قلنا ذلك ، لأن [ الحقوق اللازمة للمطلقات ] غير المدخول بهن في المتعة ، قد بينها الله  
[ ص: 263 ]  - تعالى ذكره - في الآيات قبلها ، فعلمنا بذلك أن في هذه الآية بيان أمر المدخول بهن في ذلك . 
ذكر من قال ذلك : 
5590 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم  قال : حدثنا 
عيسى بن ميمون  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
عطاء  في قوله : " 
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين  " قال : المرأة الثيب يمتعها زوجها إذا جامعها بالمعروف  . 
5591 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  مثله وزاد فيه : ذكره 
شبل  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
عطاء   . 
وقال آخرون : بل في هذه الآية دلالة على أن لكل مطلقة متعة ، وإنما أنزلها الله - تعالى ذكره - على نبيه - صلى الله عليه وسلم - لما فيها من زيادة المعنى الذي فيها على ما سواها من آي المتعة ، إذ كان ما سواها من آي المتعة إنما فيه بيان حكم غير الممسوسة إذا طلقت ، وفي هذه بيان حكم جميع المطلقات في المتعة . 
ذكر من قال ذلك : 
5592 - حدثنا 
ابن بشار  قال : حدثنا 
عبد الوهاب  قال : حدثنا 
أيوب  ، عن 
سعيد بن جبير  في هذه الآية : " 
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين  " قال : لكل مطلقة متاع بالمعروف حقا على المتقين  . 
5593 - حدثنا 
المثنى  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15678حبان بن موسى  قال : أخبرنا 
ابن المبارك  قال : أخبرنا 
يونس ،  عن 
الزهري   - في الأمة يطلقها زوجها وهي حبلى - قال : تعتد في بيتها . وقال : لم أسمع في متعة المملوكة شيئا أذكره ، وقد قال الله - تعالى ذكره - : " 
متاع بالمعروف حقا على المتقين  " ولها المتعة حتى تضع  .  
[ ص: 264 ]  5594 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15678حبان بن موسى  قال : أخبرنا 
ابن المبارك  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
عطاء  قال : قلت له : أللأمة من الحر متعة؟ قال : لا . قلت : فالحرة عند العبد؟ قال : لا وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار   : نعم ، " 
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين  "  . 
وقال آخرون : إنما نزلت هذه الآية ، لأن الله - تعالى ذكره - لما أنزل قوله : ( 
ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين  ) [ سورة البقرة : 236 ] ، قال رجل من المسلمين : فإنا لا نفعل إن لم نرد أن نحسن . فأنزل الله : " 
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين  " فوجب ذلك عليهم . 
ذكر من قال ذلك : 
5595 - حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله : " 
ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين  " فقال رجل : فإن أحسنت فعلت ، وإن لم أرد ذلك لم أفعل! فأنزل الله : " 
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين  " . 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك ما قاله 
سعيد بن جبير  ، من أن الله - تعالى ذكره - أنزلها دليلا لعباده على أن لكل مطلقة متعة . لأن الله - تعالى ذكره - ذكر في سائر آي القرآن التي فيها ذكر متعة النساء ، خصوصا من النساء ، فبين في الآية التي قال فيها : ( 
لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة  ) [ سورة البقرة : 236 ] ، وفي قوله : ( 
يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن  ) [ سورة الأحزاب : 49 ] ،  
[ ص: 265 ] ما لهن من المتعة إذا طلقن قبل المسيس ، وبقوله : ( 
يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن  ) [ سورة الأحزاب : 28 ] ، حكم المدخول بهن ، وبقي حكم الصبايا إذا طلقن بعد الابتناء بهن ، وحكم الكوافر والإماء . فعم الله - تعالى ذكره - بقوله : " 
وللمطلقات متاع بالمعروف  " ذكر جميعهن ، وأخبر بأن لهن المتاع ، كما خص المطلقات الموصوفات بصفاتهن في سائر آي القرآن ، ولذلك كرر ذكر جميعهن في هذه الآية . 
وأما قوله : ( 
حقا على المتقين  ) ، فإنا قد بينا معنى قوله : " حقا " ووجه نصبه ، والاختلاف من أهل العربية في قوله : ( 
حقا على المحسنين  ) [ سورة البقرة : 236 ] ، ففي ذلك مستغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
فأما " المتقون " : فهم الذين اتقوا الله في أمره ونهيه وحدوده ، فقاموا بها على ما كلفهم القيام بها خشية منهم له ، ووجلا منهم من عقابه . 
وقد تقدم بيان تأويل ذلك نصا بالرواية .