[ ص: 576 ] القول في 
تأويل قوله : ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا  ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني بذلك - جل ثناؤه - : يؤتي الله الإصابة في القول والفعل من يشاء من عباده ، ومن يؤت الإصابة في ذلك منهم ، فقد أوتي خيرا كثيرا . 
واختلف أهل التأويل في ذلك . 
فقال بعضهم ، " الحكمة " التي ذكرها الله في هذا الموضع ، هي : القرآن والفقه به . 
ذكر من قال ذلك : 
6177 - حدثنا 
المثنى  قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال : حدثني 
معاوية  ، عن 
علي ،  عن 
ابن عباس  في قوله : ( 
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا  ) يعني المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدمه ومؤخره ، وحلاله وحرامه ، وأمثاله  . 
6178 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا 
معمر ،  عن 
قتادة  في قوله : " 
يؤتي الحكمة من يشاء  " قال : الحكمة : القرآن ، والفقه في القرآن  . 
6179 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله : " 
يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا  " والحكمة : الفقه في القرآن  . 
6180 - حدثنا 
محمد بن عبد الله الهلالي  قال : حدثنا 
مسلم بن إبراهيم  قال : حدثنا 
مهدي بن ميمون  قال : حدثنا 
شعيب بن الحبحاب ،  عن 
أبي العالية   :  
[ ص: 577 ]  " 
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا  " قال : الكتاب والفهم به  . 
6181 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
جرير ،  عن 
ليث ،  عن 
مجاهد  قوله : " 
يؤتي الحكمة من يشاء  " الآية ، قال : ليست بالنبوة ، ولكنه القرآن والعلم والفقه  . 
6182 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : قال 
ابن عباس   : الفقه في القرآن . 
وقال آخرون : 
معنى " الحكمة " الإصابة في القول والفعل . 
ذكر من قال ذلك : 
6183 - حدثنا 
ابن بشار  قال : حدثنا 
عبد الرحمن  قال : حدثنا 
سفيان ،  عن 
ابن أبي نجيح  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا  قال : " 
ومن يؤت الحكمة  " قال : الإصابة  . 
6184 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  في قول الله - عز وجل - : " 
يؤتي الحكمة من يشاء  " قال : يؤتي الإصابة من يشاء  . 
6185 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  يؤتي الحكمة من يشاء  " قال : الكتاب ، يؤتي إصابته من يشاء  .  
[ ص: 578 ] 
وقال آخرون : هو العلم بالدين . 
ذكر من قال ذلك : 
6186 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  يؤتي الحكمة من يشاء  " : العقل في الدين ، وقرأ : " 
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا  " . 
6187 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد   : الحكمة : العقل  . 
6188 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قلت 
لمالك   : وما الحكمة ؟ قال : المعرفة بالدين ، والفقه فيه ، والاتباع له  . 
وقال آخرون : " الحكمة " الفهم . 
ذكر من قال ذلك : 
6190 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي قال : حدثنا 
سفيان ،  عن 
أبي حمزة ،  عن 
إبراهيم  قال : الحكمة : هي الفهم  . 
وقال آخرون : هي الخشية . 
ذكر من قال ذلك : 
6191 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
إسحاق  قال : حدثنا 
ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن 
الربيع  في قوله : " 
يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة  " الآية ، قال : " الحكمة " الخشية ؛ لأن رأس كل شيء خشية الله . وقرأ : ( 
إنما يخشى الله من عباده العلماء  )  . [ سورة فاطر : 28 ] .  
[ ص: 579 ] 
وقال آخرون : هي النبوة . 
ذكر من قال ذلك : 
6192 - حدثني 
موسى  قال : حدثنا 
عمرو  قال : حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  قوله 
يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة  " الآية ، قال : الحكمة : هي النبوة  . 
وقد بينا فيما مضى معنى " الحكمة " - وأنها مأخوذة من " الحكم " وفصل القضاء ، وأنها الإصابة - بما دل على صحته ، فأغنى ذلك عن تكريره في هذا الموضع . 
وإذا كان ذلك كذلك معناه ، كان جميع الأقوال التي قالها القائلون الذين ذكرنا قولهم في ذلك داخلا فيما قلنا من ذلك ؛ لأن الإصابة في الأمور إنما تكون عن فهم بها وعلم ومعرفة . وإذا كان ذلك كذلك ، كان المصيب عن فهم منه بمواضع الصواب في أموره مفهما خاشيا لله فقيها عالما وكانت النبوة من أقسامه . لأن الأنبياء مسددون مفهمون ، وموفقون لإصابة الصواب في بعض الأمور ، " والنبوة " بعض معاني " الحكمة " . 
فتأويل الكلام : يؤتي الله إصابة الصواب في القول والفعل من يشاء ، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرا كثيرا .