1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة البقرة
  4. القول في تأويل قوله تعالى " وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله : ( وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار ( 270 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : وأي نفقة أنفقتم - يعني : أي صدقة تصدقتم - أو أي نذر نذرتم - يعني " بالنذر " ما أوجبه المرء على نفسه تبررا في طاعة الله ، وتقربا به إليه - من صدقة أو عمل خير " فإن الله يعلمه " [ ص: 581 ] أي إن جميع ذلك بعلم الله ، لا يعزب عنه منه شيء ، ولا يخفى عليه منه قليل ولا كثير ، ولكنه يحصيه أيها الناس عليكم حتى يجازيكم جميعكم على جميع ذلك .

فمن كانت نفقته منكم وصدقته ونذره ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من نفسه ، جازاه بالذي وعده من التضعيف ، ومن كانت نفقته وصدقته رئاء الناس ونذوره للشيطان ، جازاه بالذي أوعده من العقاب وأليم العذاب كالذي : -

6193 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه " ويحصيه .

6194 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

ثم أوعد - جل ثناؤه - من كانت نفقته رياء ونذوره طاعة للشيطان فقال : " وما للظالمين من أنصار " يعني : وما لمن أنفق ماله رئاء الناس وفي معصية الله ، وكانت نذوره للشيطان وفي طاعته " من أنصار " وهم جمع " نصير" كما " الأشراف " جمع " شريف " . ويعني بقوله : " من أنصار " من ينصرهم من الله يوم القيامة ، فيدفع عنهم عقابه يومئذ بقوة وشدة بطش ، ولا بفدية .

وقد دللنا على أن " الظالم " هو الواضع للشيء في غير موضعه .

وإنما سمى الله المنفق رياء الناس ، والناذر في غير طاعته ظالما ؛ لوضعه إنفاق ماله في غير موضعه ، ونذره في غير ما له وضعه فيه ، فكان ذلك ظلمه . [ ص: 582 ]

قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فكيف قال : " فإن الله يعلمه " ولم يقل : " يعلمهما " وقد ذكر النذر والنفقة .

قيل : إنما قال : " فإن الله يعلمه " لأنه أراد : فإن الله يعلم ما أنفقتم أو نذرتم ، فلذلك وحد الكناية .

التالي السابق


الخدمات العلمية