[ ص: 7 ] القول في 
تأويل قوله تعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني بذلك - جل ثناؤه - : الذين يربون . 
و " الإرباء " الزيادة على الشيء ، يقال منه : " أربى فلان على فلان " إذا زاد عليه " يربي إرباء " والزيادة هي " 
الربا  " " وربا الشيء " إذا زاد على ما كان عليه فعظم " فهو يربو ربوا " . وإنما قيل للرابية [ رابية ] ؛ لزيادتها في العظم والإشراف على ما استوى من الأرض مما حولها من قولهم : " ربا يربو " . ومن ذلك قيل : " فلان في رباوة قومه " يراد أنه في رفعة وشرف منهم . فأصل " الربا " الإنافة والزيادة ، ثم يقال : " أربى فلان " أي أناف [ ماله حين ] صيره زائدا . وإنما قيل للمربي : " مرب " ؛ لتضعيفه المال الذي كان له على غريمه حالا أو لزيادته عليه فيه لسبب الأجل الذي يؤخره إليه فيزيده إلى أجله الذي كان له قبل حل دينه عليه . ولذلك قال - جل ثناؤه - : ( 
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة  ) . [ آل عمران : 131 ] .  
[ ص: 8 ] 
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل : 
ذكر من قال ذلك : 
6235 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد  قال في الربا الذي نهى الله عنه : كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني ؟ فيؤخر عنه . 
6236 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  مثله . 
6237 - حدثني 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  عن 
قتادة   : أن 
ربا أهل الجاهلية  : يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى ، فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء ، زاده وأخر عنه  . 
قال 
أبو جعفر   : فقال - جل ثناؤه - : الذين يربون الربا الذي وصفنا صفته في الدنيا " لا يقومون " في الآخرة من قبورهم " إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " يعني بذلك : يتخبله الشيطان في الدنيا ، وهو الذي يخنقه فيصرعه " من المس " يعني : من الجنون . 
وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
6238 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى ،   [ ص: 9 ] عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد  في قول الله - عز وجل - : " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " يوم القيامة في أكل الربا في الدنيا . 
6239 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  مثله . 
6240 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
الحجاج بن المنهال  قال : حدثنا 
ربيعة بن كلثوم  قال حدثني أبي ، عن 
سعيد بن جبير  عن 
ابن عباس   : " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " قال : ذلك حين يبعث من قبره . 
6241 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
مسلم بن إبراهيم  قال : حدثنا 
ربيعة بن كلثوم  قال حدثني أبي ، عن 
سعيد بن جبير  عن 
ابن عباس  قال : يقال يوم القيامة لآكل الربا : " خذ سلاحك للحرب " وقرأ : " لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال : ذلك حين يبعث من قبره . 
6242 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
جرير  عن 
أشعث  عن 
جعفر  عن 
سعيد بن جبير   : " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " الآية . قال : يبعث آكل الربا يوم القيامة مجنونا يخنق . 
6243 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  عن 
قتادة  قوله :  
[ ص: 10 ]  " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون  " الآية ، وتلك علامة أهل الربا يوم القيامة ، بعثوا وبهم خبل من الشيطان . 
6244 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال أخبرنا 
عبد الرزاق  قال أخبرنا 
معمر  عن 
قتادة  في قوله : " 
لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " قال : هو التخبل الذي يتخبله الشيطان من الجنون . 
6245 - حدثت عن 
عمار  قال : حدثنا 
ابن أبي جعفر  عن أبيه ، عن 
الربيع  في قوله : " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " قال : يبعثون يوم القيامة وبهم خبل من الشيطان  . وهي في بعض القراءة : ( " لا يقومون يوم القيامة " ) . 
6246 - حدثنا 
المثنى  قال : حدثنا 
إسحاق  قال : حدثنا 
أبو زهير  عن 
جويبر  عن 
الضحاك  في قوله : " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " قال : من مات وهو يأكل الربا بعث يوم القيامة متخبطا ، كالذي يتخبطه الشيطان من المس . 
6247 - حدثني 
موسى  قال : حدثنا 
عمرو  قال : حدثنا 
أسباط  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " يعني : من الجنون . 
6248 - حدثني 
يونس  قال أخبرنا 
ابن وهب  قال قال 
ابن زيد  في قوله : " 
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس  " . قال : هذا مثلهم يوم القيامة ، لا يقومون يوم القيامة مع الناس إلا كما يقوم الذي يخنق من الناس ، كأنه خنق ، كأنه مجنون .  
[ ص: 11 ] 
قال 
أبو جعفر   : ومعنى قوله : " 
يتخبطه الشيطان من المس  " يتخبله من مسه إياه . يقال منه : " قد مس الرجل وألق ، فهو ممسوس ومألوق " كل ذلك إذا ألم به اللمم فجن . ومنه قول الله - عز وجل - : ( 
إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا  ) [ الأعراف : 201 ] ومنه قول الأعشى : 
وتصبح عن غب السرى وكأنما ألم بها من طائف الجن أولق 
فإن قال لنا قائل : أفرأيت من 
عمل ما نهى الله عنه من الربا في تجارته ولم يأكله ، أيستحق هذا الوعيد من الله ؟ 
قيل : نعم ، وليس المقصود من الربا في هذه الآية الأكل ، إلا أن الذين نزلت فيهم هذه الآيات يوم نزلت كانت طعمتهم ومأكلهم من الربا ، فذكرهم بصفتهم معظما بذلك عليهم أمر الربا ، ومقبحا إليهم الحال التي هم عليها في مطاعمهم ، وفي قوله - جل ثناؤه - :  
[ ص: 12 ]  ( 
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله  ) [ سورة البقرة : 278 - 279 ] الآية ، ما ينبئ عن صحة ما قلنا في ذلك ، وأن التحريم من الله في ذلك كان لكل معاني الربا ، وأن سواء العمل به وأكله وأخذه وإعطاؤه ، كالذي تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : 
6249 - " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810227لعن الله آكل الربا ، ومؤكله ، وكاتبه ، وشاهديه إذا علموا به " .